هيئة التحرير

 

على غرار باقي المهن التي تتطلب مزاولتها مراعاة الوازع الأخلاقي ووضعه -أو يُفترَض وضعه- فوق كل اعتبار، يشهد ميدان الطب في المغرب نوعين من المزاولين.

وإذا كان معظم مَن أدّوا قسَم أبقراط (غير الملزِم بطبيعة الحال إلا لمن لديه ضمير ووازع إنساني) يظلون مستحضرين هذا الالتزام الأخلاقي وهم يمارسون هذه المهنة الإنسانية والشريفة ويحكّمون ضمائرهم في التعامل مع من يقصدونهم من المرضى. فتجدهم وقد راكموا مسيرة مهنية مشرّفة ومتشبّثة بالأخلاقيات العامة للمهنة. فيعيشون على الكفاف والعفاف والغنى عن… المرضى!

مقابل هذه العينة الإيجابية، والتي ظل المغرب يزخر ولا يزال بالكثيرين منهم ممّن نقشوا أسماءهم في تاريخ المهنة بفضل استقامتهم وإنسانيتهم؛ نجد فئة أخرى ربّما لا يعني لها القسَم والأخلاق والالتزام شيئا أبدا أمام “إغراءات” المهنة والنوافذ “الخلفية” التي تفتحها على الثراء ومراكمة الثروات ولو كان بطرق غير مشروعة من خلال “ابتزاز” المرضى و”مساومتهم”، وربما من خلال ممارسات في الخفاء (كالإجهاض السري مثلا).

يستطيع كثير من هذه العينة الثانية تحقيق مكاسبَ مادية، ربّما عُدّت بأرقام فلكية في بعض الحالات، لكنْ يكون لذلك ثمن غال يدفعونه من “تخدير” ضمائرهم مع كل عملية تخدير لمريض قبل عملية جراحية.. فيظلون، حتى لو تحقق لهم هذا الثراء بأساليب “ملتفة” مطارَدين بـ”هاجس” السقوط في أي لحظة وتفجّر فضيحة قد تُنهي مسارهم نهاية مأساوية.

خلاصة القول، في الطب كما في غيره من المهن، المزاولون “طوب وْحجر” كما يقول المثل المغربي.. فإذا كان الجشع يعمى بصيرة بعض هؤلاء الاطباء، الذين حوّلوا مهنة نبيلة إلى مصدر اغتناء، ولو بطرق غير واضحة، فإن هناك شرفاء و”أولاد ناس” يؤدّون عملهم بضمير مهني ووازع وأخلاقي يضبط مسارهم ويجعلهم محافظين على “إنسانيتهم” حتى يُنهوا مشاويرَهم أنقياء كما دخلوا المهنة أول يوم.. كأولئك الاطباء الذين شاركوا في عمل فني ومسرحي بداية الشهر الفيضل بالرباط، لجمع الدعم لمرضى القلب…

هؤلاء هم مَن يجب الالتفات إليهم والتعريف بهم وبمسارهم في مهنة جليلة وعظيمة مثل الطب، وليس من دنسوا طهارة المهنة، كتلك التي ظهرت في خريبكة، وهي تقول بين الناس :” أنا مولات السيبطار، لي الداخل ديالي ولي برا عندي فيه النص”، لم يسلم من تسلطها وإستبدادها، لا المرضى ولا الموظفين، حتى حطمت الرقم القياسي في حصد عدد بلاغات الادانة الصادرة عن النقابات ضد سلوكاتها وشكايات الضحايا ضد ممارساتها..

عيطوا للدكالي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *