بقلم عبد الصمد بنشريف

في مثل هذا اليوم 22 يناير 1984 اعتقلت من طرف الأجهزة الأمنية على الساعة الثانية بعد الظهر رفقة شقيقي مصطفى وعدد من المناضلين  و مسؤولي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بجامعة محمد الأول بوجدة ، كان من بينهم المرحومين افتيح جمال ويوسف تيمجردين. عملية الاعتقال تمت بمنزل بحي زنكوط بمدينة وجدة. 

كانت بداية سفر طويل ذقنا فيه كل أنواع التعذيب والقمع والبطش وإهانة الكرامة الإنسانية ، بما في ذالك اقتيادنا إلى معتقل سري يقع في إحدى الثكنات العسكرية التابعة لقوات التدخل السريع. كنا طيلة المدة التي قضيناها هناك ،نستنطق بداية من منتصف الليل فما فوق. وكان الحجاج في منتهى السخاء أثناء إشرافهم على حفلات التعذيب. 

ذات يوم وفي أجواء من الرعب ،طلبوا منا أن نصطف قبالة حائط وعيوننا مغطاة بقطعة ثوب سوداء “عصابة”، فيما يشبه وضعية تنفيذ حكم بالإعدام . كادت قلوبنا ان تقفز من مكانها، عندما سمعنا أصوات طقطقات  البنادق .شخصيا اعتقدت أن رصاصات الإعدام قد تخترق راسي في أية لحظة ، لكن سرعان ما تبين أن الأمر كان عبارة عن ترهيب وحرب نفسية. لم نكن ننام لأن قططا تم توظيفها لإزعاجنا. 

فبين الفينة والأخرى كانت  تزمجر وتموء بشكل هستيري، وتصطدم بشكل عنيف  بجدار من الكرتون المقوى.

لم يكن شقيقي مصطفى، يعلم بوجودي في ذلك المكان الذي ادإلتحق به قبلي، لكنه  لما سمع سعالي عرف أنني كنت  بجواره.

 

كانت أطوار هذا الجحيم طويلة، تخللتها تهم باطلة ،ومحاضر مزورة، وتوقيعات وهمية وتصريحات مفبركة، وأحكام قاسية، وبدون أي مبرر أو سند قانوني ،صدر في حقي و في حق عدد من  المناضلات والمناضلين 3 سنوات سجنا نافذا  قضيناها بالتمام والكمال وزيادة وغرامة مالية.

الواقعة أصبحت الآن جزءا من الماضي، لكن من الأخلاق والوفاء للذاكرة أن لانكذب، ومن هذا المنطلق أجزم أن اعتقالنا ومحاكمتنا كانا جريمة نكراء تسببت في عدد من المآسي والجراح ألمت بالدرجة الأولى بالأسر وفي مقدمتها  الامهات والآباء، من بينهم أمي وأبي رحمة الله عليهما،وما تم طبخه من محاضر كان بهتانا وتزويرا وافتراء.

بمناسبة هذه الذكرى التي تأبى أن تغادر الذاكرة أتقدم بتحية الوفاء إلى كل اللواتي والذين رافقوني لسنوات في السجن المدني بوجدة، وإلى كل الأسر والمناضلات والمناضلين الذين ساندونا في محنتنا .

تنويه: صورتان تم التقاطهما في السجن المدني بوجدة  واحدة في يوليوز والأخرى في دجنبر 1986، هكذا كانت ملامحي ونظراتي……

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *