رشيد نيني

شبكات التواصل الاجتماعي مليئة بالوعاظ في كل المجالات. لذلك لا أعرف لماذا استهجن البعض تحول شيخة خلال رمضان إلى واعظة.. فنحن نرى، منذ سنوات وكل يوم، كيف يتحول النكرات إلى مشاهير وكيف أصبح الجميع صحافيا ومحققا ومعارضا وصاحب رأي… 

لماذا لا تتحول الشيخة، بدورها، إلى داعية وهي ترى أنصاف الأمّيين والجهلة الباحثين عن ربع ساعة من الشهرة بأي ثمن يفتون في كل شيء ويعطون رأيهم في كل شيء ويُنصّبون أنفسهم ناطقين باسم الشعب رغم أنف الشعب. 

من حق الشيخة أن تتحول إلى واعظة وعالمة ومربّية، طالما أن الدجالين والمدّعين وأصحاب الرؤوس الفارغة يتصدرون المشهد ويملؤون شبكات التواصل الاجتماعي بنصائحهم السّخيفة وأفكارهم الجهنمية وتحليلاتهم “المصيبة”. 

نحن نعيش زمن تصدّر التافهين للمشهد، لذلك فلا غرابة أن تستبدل الشيخة الرقص بالحديث عن ابن تيمية أو ابن عربي، فعندما تسود التفاهة وتعلو موجة الرداءة يتراجع المنطق والجدية إلى الخلف، وكما يقال فالعملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق. 

فجأة، نكتشف أن هناك أناسا يعيشون بيننا لهم طريقة خاصة في التفكير والتصرّف. لا يحبون بالضرورة مشاهدة ما نشاهد ولا يتذوقون الموسيقى التي نسمع وليست لهم الأحلام ذاتها التي لنا. 

إنهم كائنات تشبه “الزومبي”، لا هم أحياء ولا هم أموات، يعيشون نصف حياة ويموتون في اليوم أكثر من مرة بالتقسيط. ليست لهم المخاوف والهواجس نفسُها التي لنا ولا يرون أبعد من يومهم، الذين يعيشونه دون أمل في غد أفضل منه. كل حياتهم تدور حول التفاهة، ينتجون التفاهة ويستهلكون التفاهة، ومنتهى طموح الواحد منهم أن يكون “بطلَ” فضيحة وأن يشاهد الجميع هذه الفضيحة على المباشر.. إنهم نجوم ربع ساعة، الذين يبحثون لكي يلمعوا مثل النيازك في سماء الشهرة بضعَ دقائق ثم بعدها لا يهمّ إن انتهوا في زنزانة باردة أو في قبر منسي. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *