قلم: عبد الواحد الدريوش

إذا كانت السماء بجهة درعة-تافيلالت لا تمطر لا ذهبا ولا فضة، فإن الأرض فيها غنية بالذهب والفضة والنحاس والكوبالت وغيرها من المعادن..

لكن سماء جهة درعة-تافيلالت غنية بنفس غنى أرضها، وهي فعلا تمطر شيئا أغلى من الذهب والفضة وغيرها من المعادن النفيسة..

فإذا كنت من ساكنة جهة درعة-تافيلالت، وترغب في أن تحصل على ثروة، وأن تصبح مليونيرا في رمشة عين، فلن يطلب منك أن تكون حاصلا على دبلوم مهندس من المدرسة الوطنية للمعادن، ولا إحداث شركة للتنقيب عن المعادن، ولا تشغيل يد عاملة، ولا شراء آلات ومعدات، ولا أنجاز دراسات جيومورفولوجية ولا حتى القيام بأي حفريات تنقيب من أي نوع..

لا لا، لن يطلب منك أي شيء من كل ذلك..

كل ما عليك فعله هو أن تكون إنسانا تواكليا بامتياز، خمولا حد الإعاقة، تقضي نهارك نائما إلى غاية العصر، وحين تغيب الشمس، تطلع لسطح منزلك الطيني لتتخذ لك فيه مكانا استراتيجيا وتقعد هناك كأي عالم أسترولوجي تراقب حركات النجوم ودوران القمر حول الأرض ومسار الأقمار الاصطناعية.. وتنتظر. كل ما عليك فعله هو أن تنتظر لكي تحصل المعجزة الربانية وتمر إحدى الشهب إياها من فوق سماء جهة درعة-تافيلالت وتسقط في مكان ما بين تنجداد ومرزوكة وزاكورة..

وحين تتلقى اتصالا هاتفيا من “هيأة المراقبين الأسترولوجيين”، هذه الهيأة غير النظامية التي تكون قد سجلت إسمك ورقم هاتفك ضمن قوائما، ويخبرك المتحدث أن الأمر الجلل قد وقع فعلا، فما عليك حينئذ سوى أن تسأل عن الموقع الذي تم تحديده، وتسرع بما ملكت من أجنحة لامتطاء أي “مركوب”، سيارة كات كات كانت أو بيكوب أو دراجة نارية أو حتى “عود الريح”؛ المهم، هو أن تكون هناك قبل أي أحد آخر.. وفي الموقع المحدد.

وحين تكون قد وصلت لعين الموقع الذي حددته لك “هيأة المراقبين الأسترولوجيين”، وبعدما تكون قد أجريت “مسحا طبوغرافيا” للمكان، إذ ذاك تكون قد بدأت رحلة البحث عن الحجر النفيس القادم من أعماق الكون، والذي وصل لتوه قاطعا ملايين الكلمترات بسرعة تفوق سرعة الضوء، ليسقط فوق جهة درعة-تافيلالت المباركة..

مع سقوط هذا الحجر الأسود المبارك، تكون قد بدأت أحلامك بأنك ستكون صاحب الحظ الميمون في الحصول على النيزك، وسيكون وزن الحجر الذي ستعثر عليه يتجاوز بكل تأكيد كيلوغراما، وسيكون السعد مبتسما لك لبيع الغرام الواحد بمليون سنتيم، وسيكون مجموع ما ستتحصل عليه هو ألف مليون، أي مليار سنتيم، وستكون بذلك قد أصبحت مليونيرا من المليونيرات الجدد بجهة درعة-تافيلالت، أفقر جهة بالمغرب.

يروى أن عمر بن الخطاب رأى بعض الناس فى المسجد بعد صلاة الجمعة فسألهم: من أنتم ؟ قالوا: متوكلون، قال: بل أنتم متواكلون.. لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول اللهم ارزقنى، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، إنما يرزق الله الناس بعضهم من بعض.

* الصورة:
بعض أبناء جهة درعة-تافيلالت في رحلة البحث عن نيزك سقط من السماء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *