مواكبة: le12.ma

اعتبر المحلل السياسي والخبير في الأنثروبولوجيا الحضرية، أحمد حميد شتاشني، أن النسبة الكبيرة المسجلة للمشاركة في الانتخابات العامة لثامن شتنبر الجاري تعكس “تجاوب” الناخبين مع “الوعود الواضحة” التي قدمتها الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية، والتي مست بشكل مباشر القضايا الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين.

وأشار شتاشني، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أنه على الرغم من إجراء الحملة الانتخابية في سياق خاص ميزته التدابير الصحية المتخذة بسبب انتشار وباء كورونا المستجد، مع ما ترتب عنه من غياب للتجمعات واللقاءات الانتخابية الرئيسية، فإن معدل المشاركة في هذا الاستحقاق الثلاثي (التشريعي والجهوي والجماعي) بلغ 50,35% مقابل 42,29% سنة 2016.

وبالنسبة له (في انتظار إحصائيات أكثر تفصيلا)، فإن الناخب كان أكثر تفاعلا، خلال الحملة الانتخابية، اتجاه المواضيع والوعود الواضحة التي تمس وضعه المادي أو المهني، ومنها على سبيل المثال المساعدة المالية للفقراء والوعود المتعلقة بإحداث المزيد من فرص الشغل.

وأوضح المتحدث ذاته أن تنظيم الاقتراع الثلاثي مكن، أيضا، سهل على الناخب عملية التصويت واختيار مرشحيه “على أساس قناعاته الجماعية”، مضيفا أن الخيارات الثلاثة (الجماعية، والجهوية، والوطنية) جاءت متناغمة من حيث تصنيف الأحزاب الفائزة، معتبرا أن “التصويت المحلي العقابي بسبب سوء تدبير الشأن الجماعي وجه الناخب في اختياراته”.

وأضاف شتاشني أن هناك عاملا آخر يفسر نسبة التصويت، يتمثل في لجوء الأحزاب السياسية إلى ابتكار أساليب جديدة في التواصل مع الناخبين، تجسد بشكل خاص في استخدامها للوسائط الرقمية والشبكات الاجتماعية لاستمالة المصوتين وحشد معظم المؤيدين.

وأوضح المحلل السياسي أن الأحزاب استفادت في ذلك من ارتفاع عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية لأول مرة، إذ وصل العدد إلى أزيد من ثلاثة ملايين ناخب جديد، والذين يمثلون 11,9% من السكان في سن التصويت.

وتابع، في هذا السياق، أن هؤلاء الشباب ، الذين من بينهم أكثر من 79% حاصلون على تعليم ثانوي أو عال، يميلون بشكل كبير إلى استخدام التقنيات الحديثة وهم أكثر تواصلا، من خلال التقاسم، عبر الشبكة العنكبوتية.

وبالعودة إلى التصويت العقابي الذي استهدف بعض الأحزاب السياسية من خلال صناديق الاقتراع، قال شتاشني إن الناخب يتوقع الآن “الوفاء بالوعود الانتخابية من قبل الأحزاب التي صوت لها”.

وشدد على أن “الأمر متروك للأحزاب السياسية لبلورة سياسات محلية قائمة على المشاركة والتضافر من أجل تأمين فضاءات عيش أكثر جاذبية، مع الأخد في الاعتبار الخصوصيات المحلية والجهوية، مضيفا أن التعليم والتشغيل يشكلان الأولويات الأساسية على المستوى الوطني”.

وفي إشارة أكثر تحديدا إلى التوقعات والتحديات التي تبرز على مستوى الدار البيضاء، يؤكد شتاشني أن هذه المدينة، باعتبارها عالما مصغرا يجمع كل التحديات العمرانية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، ينبغي إيلاؤها “كل الاهتمام الممكن”.

وأعرب عن أسفه لكون “الناخب في الدار البيضاء رأى كل التيارات والألوان السياسية تناوبت على إدارة مدينته. وبدلا من ترك إنجازات ملحوظة، فإنهم يتركون عيوبا لا تحصى”.

ويرى أنه بفضل المرونة التي يتميز بها ، فإن المواطن البيضاوي “لم يفقد الأمل، ويحاول التفاعل عبر المجتمع المدني. إنه يدرك أن الأوراش المهيكلة الكبرى التي تعرفها المدينة جاءت بمبادرة من الملك محمد السادس، وليست بمبادرات من السلطات والمنتخبين المحليين”. وبالنسبة لشتاشني ، تظل الدار البيضاء مدينة جامعة “لكل الأولويات والضرورات العاجلة للساكنة المحلية”.

وخلص إلى أن “النظام الإداري لوحدة المدينة تميز بنواقصه وعدم قدرته على إعادة بناء مفهوم موحد للمدينة ، لذلك يجب على المنتخبين الجدد تجاوز أخطاء الماضي، وأن يكونوا أكثر إبداعا، وأن يستمعوا إلى المواطنين. فهم مطالبون بتطوير سياسة المدينة من خلال بلورة مجموعة من التدخلات المتماسكة ذات التوقعات المحددة. ويجب ألا يساهموا فقط في جعل المدينة إطارا ممتعا للعيش، ولكن أيضا رافعة اقتصادية لسكانها وحاضنة لمشروع اجتماعي حضري”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *