تقي الدين تاجي

في سقطة جديدة من سقطاته، التي تتوالى الواحدة تلو الآخرى، خرج النائب البرلماني والقيادي بحزب العدالة والتنمية، ليرفع عقيرته مجددا بالصياح في مجلس النواب، محتجا ومرغدا ومزبدا، احتجاجا على غياب الآذان في قناة دوزيم” خلال شهر رمضان الفائت، متوسلا كما عادته بنظرية المؤامرة، خلال مخاطبته أمس الاثنين، لوزير الأوقاف “أحمد التوفيق” بجلسة الأسئلة الشفوية، قائلا : “كيف مع هذه السلوكات يمكن اقناع المغاربة بأن إغلاق أغلب المساجد وكل المدارس الأصيلة، والعتيقة والكتاتيب القرآنية، سببه الإجراءات الاحترازية، وليس رغبة في مواجهة الصحوة الدينية، من داخل دولة إمارة المؤمنين”.

المقرئ أبو زيد الذي لا نسمع له صوتا، إلا إذا تعلق الأمر بمزايدات من هذا القبيل، وما عدا ذلك، فهو يكتفي فقط بتسلم راتبه البرلماني السمين، عند نهاية كل شهر، بينما يقضي جل وقته، مسافرا في درجة “البزنس كلاس” على متن الطائرات، للقاء أصدقائه من شيوخ “البترودولار”، أو لتسجيل مقاطع فيديو على يوتوب، مدغدغا من خلالها العواطف تارة، وسارحا بعقول الناس تارة أخرى، يدلي بدلوه في كل شيء بدءً من بطيخ زاكورة، وصولا الى نظريات “ستيفن هوكينغ” الذي وصفه بالحمار في احدى محاضراته حتى لا نقول “مهاتراته”.

وهذا طبعا، دون قيامه بالدور المنوط به كنائب برلماني، يُفترض أن مهمته الأساسية، تتمثل في الدفاع عن القضايا التي تمس عيش المواطنين، في مقدمتها القرارت اللاشعبية، التي اتخذتها حكومة حزبه.

والحال أن خرجات “أبوزيد” أو على الأصح “أبو زيد فيه”، هدفها الرئيسي استدرار التصفيقات، والتكبيرات، و”اللايكات”، لا أقل ولا أكثر. وإلا فما معنى “أن يصرخ علينا بصوته الحاد، أين الآآآآآذان في دوزيم”، وهو الذي يقدم نفسه – يا حسرة يا زمن – فقيها وعلامة وفهامة عصره، و يجدر به، أن يكون عارفا بحكم الآذان في الإسلام، كفرض كفاية، حسب ما اتفق عليه  جمهور العلماء، أي أنه إذا قام به واحد منهم كفى.

ثم فليسمح لنا سعادة العلامة الفقيه المفتي العظيم، أن نستفتيه بدورنا، لعلنا نجد عنده جوابا شافيا ضافيا “وبالله عليك يا شيخنا، منذ متى كان الآذان  في التلفزيون ركنا من أركان الاسلام أو فرضا واجيا من فرائضه  ؟”، هل كانت توجد  في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم قنوات فضائية، أو اذاعات  ؟.

لكن الأخطر من ذلك، هو ربط غياب الأذان في دوزيم، بإغلاق المساجد ؟ ألا يعتبر ذلك تأليبا للمواطنين على الدولة ؟ تجييشا ضمنيا لعامة الناس وحثهم على اعلان العصيان ضد أهل الحل والعقد ؟ أوَليست هاته التصريحات، يا “شيخنا ” “أبوزيد فيه” خروجا عن طاعة ولي الأمر؟ أليست تشجيعا للفكر المتطرف والمتعصب ؟ هي مجرد تساؤلات ليس إلا.

ويبدو أن “المقرئ أبو زيد”، الذي جمد مؤخرا عضويته في حزب المصباح، دون أن يجمد معها راتبه السمين، الذي يتلقاه، لا يعلم أن الإفراط في الثرثرة من أجل الثرثرة، أو بحثا عن استرضاء شيوخ “جلسات الوناسة” بفنطزيات “خاوية”، يُخرج من المعنى حرمته ومن الكلام احترامه، حتى لو كان مدفوعًا بحرص شخصي لصيانة ما هو معلوم من الدين بالضرورة، لاسيما في بلاد كالمغرب، يُعتبر فيها الشأن الديني من شؤون إمارة المؤمنين، يَجري تدبيره بمقتضى عقد البيعة الذي ينص على أن أمير المؤمنين يحمي الملة والدين.

وعلى غرار ما ختم به “أبو زيد فيه”، خرجته العُصابية الانفعالية في مجلس النواب، بقوله “ومَن لم يعجبه أن المغرب بلد مسلم فأرض الله واسعة”، نقول له نحن بدورنا ” ومن لم يعجبه تبني المغرب لنموذج اسلام وسطي معتدل، فأرض الله واسعة.. واللي ما عجباتوش دوزيم، يقلب قناة اقرأ ويهنينا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *