صوفيا العمالكي

معلمة الأوداية عبق التاريخ وعطر الفن والعمارة، هناك حيث يحلو للسياح أن يلتقطوا الصور التذكارية ويشتروا تحفا صغيرة يقدمونها لأصدقائهم كهدايا حين العودة، وبعد نهاية الجولة يكون للسائح طقس أخر خاص لراحته وتجديد نشاطه وهو احتساء كوب شاي بمقهى الأوداية.

 

مقهى الأوداية  أو café maure كانت تتوافد عليها يوميا وفودا من الشباب و الشيب  من فنانين و طلبة و عشاق الصمت و التأمل، هو ذلك المكان الذي احتضن المتناقضات و امتزجت فيه زرقة البحر بزرقة السماء، كان جامع للسكان و العابرين و كذلك لقطط تملأ فضاءه مستأنسة بالزوار.

منذ يومين استيقظ السكان على صور هدم مقهى الأوداية، فكانت الصدمة قوية على كل من كان يرى  في ذلك المكان قدسية كبيرة الشئ الذي دفع العديدين لتقاسم الصور و التعليق عليها بكل أسف و آسى  مجترين ذكريات ماضي  بعيد  و لمة أصدقاء  و حلم  كبر و ترعرع في ذلك المكان.

 الفنانة لطيفة أحرار عبرت عن الموضوع قائلة: ” لقد ماتت المقهى، وجوه، اجتماعات و روابط نشأت و أخرى تلاشت هناك بذلك المكان الساحر، ماذا عن هذا التاريخ كله؟ ماذا عن هذا الهدم؟ و أنا التي كنت أريد أن أشرب كأس الشاي  مع قطعة كعب غزال هناك. لم تعد لدي الكلمات…..”.

 

و من جهتها عبرت أمينة غريب الصحفية في التلفزة المغربية، عن حزنها  لفقدان هذا الفضاء الذي كان  أول مكان توجهت إليه عندما التحقت بمدينة الرباط لإكمال الدراسة بالمعهد العالي للصحافة حيث أعدت رفقة زملاءها العديد من “الربورطاجات” خلال الدراسة،

 و أضافت غريب أنها شعرت بألم يخترقها أمام صور الهدم  والكثير من الحزن على فضاء كان جزءا من ذاكرة قصبة لأوداية  كما  تمنت أن لا يندثر كليا وأن يعاد ترميمه ولو  أن العملية ستفقد ه الكثير من سحره  وتنمحي آثار كل من مروا من هناك

و من جهة أخرى هناك من يرجع هذا الهدم لعملية إعادة الترميم التي سيعرفها المكان في إطار مشروع تهيئة مدينة الرباط و الذي تشرف عليه وزارة الثقافة

مقهى الأوداية لم تعد اليوم موجودة و حتى و إن تم ترميمها لن تعود كيفما كانت في سابق عهدها ستفتقد الكثير من الذكريات المخبئة بين سراياها و فوق حصيرها  القديم 

هذه المرة لم يصب محمود درويش حين قال: “إن أعادوا لك المقاهي من سيعيد الرفاق”، عذرا يا درويش فالمقهى لن يعود و الرفاق تاهوا وسط زحمة الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *