حاورته: صوفيا العمالكي

هل يمكنكم التفصيل في المبادرة التي اطلقتم بخصوص الدعم النفسي للمواطنين خلال الحجر الصحي؟

المبادرة أطلقتها كلية علوم التربية وجامعة محمد الخامس لدعم المواطنين نفسيا عن بعد، فمما لاشك فيه أن حالة الوباء تستوجب إجراءات صحية من الضروري التقيد بها،  و أن هذه الوضعية خلقت تغييرات في عادات المواطنين بطريقة مفاجئة وغير منتظرة مما فتح شهية المواطنين على البحث عن المعلومات ومحاولة فهم هذا المجهول غير المرئي. وأكيد أن المتأمل بعين الباحث والاكاديمي المتخصص في العلوم الإنسانية، سيرى أن الوضع يحتاج لمواكبة وتتبع ودعم نفسي عن بعد، لأنه في نظرنا هذه التغيرات بهذه الطريقة تولد ضغطا نفسيا على جميع الفئات، وهذه الضغوط عبارة عن ردود فعل نفسية وفسيولوجية للتكيف مع المستجدات. وكما صرحت بذلك مختلف المنظمات والهيئات الدولية والصحية الوطنية فإن حالة الوباء تفرز وضعا يتميز بالقلق والهلع والخوف والضغط النفسي والأعراض النفس جسدية (تسارع دقات القلب، ارتفاع درجة الحرارة، التعرق، ضيق في التنفس، ظهور أمراض جلدية…) .

في إطار من هذه الاعتبارات والتبريرات العلمية أتت مبادرتنا داخل كلية علوم التربية وجامعة محمد الخامس بتأسيس خلية للدعم النفسي عن بعد، هذه الخلية التي تضم أزيد من 20 متخصصا في علم النفس الإكلينيكي، والمعرفي، والتربوي، وعلم نفس الصحة  وعلم إدارة الأزمات، والطب النفسي، ومهنيي الصحة. يشتغل الفريق يوميا من الساعة العاشرة صباحا إلى الساعة السابعة مساء، وأمام الطلب المتزايد ليلا نظرا لصعوبات النوم والأرق اضطرت الخلية لإحداث فريق المداومة الذي يتلقى الرسائل ليلا إلى حدود الساعة الثانية عشرة ليلا. وتتم هذه العلمية عبر تلقي رسائل صوتية أو نصية أو مكالمات، ويقوم الفريق بالتفاعل والإجابة عن أسئلة المواطنين ودعمهم اعتمادا على خطوات واضحة وضعها فريق الخلية.  كما تعمل الخلية على عقد لقاءات مباشرة (Live) يقوم فيه الأخصائيين بتنشيط لقاء انطلاقا من تحديد أكثر الصعوبات شيوعا لدى الموطنين، ويكون هذا البث المباشر كل يوم ابتداء من الساعة التاسعة ليلا ويتم استهداف في كل مرة فئة معينة: الأطفال، الأسرة، الأزواج، كبار السن، الطلبة، التلاميذ، الأطفال في وضعية إعاقة

هل تم تسجيل حالات للإستماع لها؟

من المعلوم أن هناك مراحل للأزمة دائما، تبدأ بمرحلة الإنكار  ثم المساومة مرورا بالاكتئاب وصولا للتقبل، لذلك اتصالات المواطنين تخضع لهذه السيرورة. بحيث نسجل سيلا كبيرا من المكالمات، مثلا خلال إعلان مستجد ما أو إجراء معين فيزداد الضغط وتظهر مجموعة من الأعراض النفسية والجسدية. وبما أن المناعة النفسية للمواطن مرتبطة بالزمن بمعنى أن طاقة الفرد على التحمل مرتبطة بالزمن وكلما طالت المدة، تسجل لديه أعراض كالخوف والحزن وفقدان الاستمتاع وفقدان الأمل في المستقبل. مما يجعل عمل الخلية كبيرا وضروريا. بالإضافة إلى أنه تلت مبادرتنا مبادرات جامعية اخرى تسهم أيضا في تقديم خدمات الدعم النفسي عن بعد.

هل ستستمر هذه المبادرة إلى ما بعد الجائحة؟

أشير إلى أن عمل الخلية منظم ومهيكل عن طريق لجن تسهر على تدبير العمل اليومي للخلية وكذا على المدى البعيد أيضا، وفي هذا الصدد عملنا داخل الخلية على إحداث لجنة من الأخصائيين الإكلينيكيين لتتبع المتعافين لاننا نعرف التمثلات الإجتماعية حول المصاب تتميز شئنا أم أبينا بنوع من الوصم الاجتماعي، مما قد يفرز نوعا من التجنب العائلي، لذلك سيعكف الفريق على إعداد خطوات تشرح للأسر سيكولوجية المتعافي من جهة ومن اخرى ستقدم إرشادات وتوجيهات علمية حول الشخص المتعافى. كما ان عمل الخلية سيستمر فيما بعد، فالبرغم من بعض الآراء التي تقول بأن دورة التكيف استنفدت مهمتها وقد لا يحتاج المواطن لدعم فإننا داخل الخلية نرى أن الحاجة للدعم النفسي ضرورية ومهمة أكثر من ذي قبل، بعد كورونا وكذا تهيئ المواطنين بعد كورونا، ونحن نعلم انه في حالة المقاومة ومواجهة الضغوط المرتبطة بالأزمات يعمل الفرد على شحذ مختلف إمكانيته النفسية للتكيف مما يستوجب بعد الأزمة تدخل الأخصائيين النفسيين لخلق الاستعداد والمرونة النفسية.

* عبد اللطيف كداي: عميد كلية علوم التربية بالرباط المنسق العام لخلية الدعم النفسي عن بعد لمرضى كوفيد 19

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *