*محمد بوهريد
 
 
هذه مباراة المفارقات بامتياز. المنتخب المغربي متفوق على مالي في كل شيء باستثناء قوة الدفاع. وهذه كلمات جديدة “في العارضة” أعتقد أنها تصلح بوصلة لتخمين السيناريو الأكثر ترجيحا لمباراة اليوم.
 
لا يختلفان اثنان على أن المغرب هو المرشح للصعود إلى منصة التتويج. أكاد أجزم أن الماليين أنفسهم يقرون بهذا دون أن يفرطوا في حقهم في الدفاع عن حظوظهم حتى الثانية الأخيرة من المباراة. وهذا من سحر الكرة وجاذبيتها. المباراة لم تلعب بعد وفوز مالي وارد وإن كان على الورق مستبعدا جدا.
 
طريقة لعب المنتخب المغربي باتت مكشوفة للجميع. اندفاع هجومي وتحصين دفاعي تعتريه أحيانا هفوات قد تشكل اليوم مصدر الخطر.
في المقابل، سيجد المدرب الحسين عموتة نفسه أمام امتحان من نوع خاص: مواجهة فريق يلعب بالأسلوب الذي يحبذه هو نفسه، أو على الأقل اشتهر به، خصوصا مع الفتح والوداد. ذلك أن منتخب مالي يتمترس في الدفاع ويحرص على إغلاق كافة المنافذ ثم يتربص بكرة ثابتة على مقربة من منطقة العمليات لاقتناص هدف. هل هذا الأمر في مصلحة المغرب؟ لا يمكن نفي ذلك.
 
أكثر من ذلك، منتخب مالي لا يستعجل التهديف إطلاقا، بل بالعكس ينثر في الملعب شعورا بأنه أصلا لا يريد للمباراة أن تنتهي في وقتها الأصلي ولا الإضافي، بل بضربات الترجيح. ولعل هذا الأمر هو التفسير المنطقي الوحيد للمسار الغريب لمنتخب مالي في البطولة. وتتجلى هذه الغرابة بكل واضح في كونه احتاج فقط إلى 3 أهداف ليصل إلى المباراة النهاية ويصبح على مرمى حجر من اللقب.
 
ومع ذلك، قد يلعب العامل البدني دورا حاسم في إجبار الماليين على تغيير هذا الأسلوب اليوم. فقد اضطروا للعب 120 دقيقة في مباراتي ربع ونصف النهائي قبل حسمهما بضربات الترجيح.
 
ودون المبالغة في تقييم قدرات المنتخب المالي، لا ضير في الاعتراف بأنه جيد تنظيميا ملتزم تكتيكيا ويعرف تمام المعرفة حدود إمكانياته، لذلك يتحرك في هذه الحدود ولا يغامر إطلاقا. وعلى عموتة، أن يستدرج إلى هذا الفخ إذا أراد أن يفتتح التسجيل في وقت مبكر من المباراة.
 
السرعة مهمة جدا لخلحلة الدفاع المالي، ويمكن الاعتماد في هذا الأمر على انطلاقات رحيمي وتمريرات الحافيظي في العمق على أمل أن يستفيق الكعبي ويكون في أفضل أيامه. الكرات العالية محض لغو وهدر وقت إلا أن تكون في ظهر المدافعين إذا أجبروا على التقدم وتركوا ورراءهم مساحات قابلة للاستثمار.
 
غير أن الاندفاع الهجومي يجب أن يكون مدروسا بعناية. إذ أن الماليين لهم قدرة لا يستهان بها على شن هجمات سريعة ومباغتة بعدد قليل من اللاعبين مع مهارة لا تخطئها العين في استغلال أي مساحة تتاح لهم في دفاعات منافسيهم.
 
ولا غرابة أبدا إذا عاينتم لاعبا من مالي يحاول اصطياد كرة ثابتة بدل إجهاد نفسه بالتقدم بالكرة إلى المرمى، لأن لديهم لاعبين اثنين على الأقل يجيدان تنفيذ الكرات الثابتة. وجميع الأهداف الثلاثة التي أحرزها المنتخب المالي في هذه البطولة كانت من كرات ثابتة والهدف الوحيد الذي تلقاه أيضا كان بنفس الطريقة. المدافعون الماليون يعانون من البطء، لكنهم يعلمون أن وراءهم حارس جيد يمنحهم الكثير من الثقة.
 
خلاصة القول إن مالي والمغرب يدخلان المباراة برهانيين مختلفين تماما. المنتخب المالي ستكون عينه على تمطيط المباراة وجر المغرب إلى ضربات الترجيح، التي صارت فأل حسن على الماليين. هذا الأمر سيسهل كثيرا مأمورية عموتة في تدبير المباراة في حال أفلح اللاعبون المغاربة في افتتاح سجل التهديف في وقت مبكر لخلط أوراق المنتخب المنافس وتفتيت تكتله الدفاعي لتعبيد الطريق إلى منصة التتويج.
*كاتب/صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *