حسين عصيد

 

في أعقاب تأكيد توماس رايلي، سفير بريطانيا في المغرب، أن “اتفاقية الشراكة التي تم التوصل إليها في لندن بين المملكتين، يوم السبت الماضي، تؤكد الأهمية المتزايدة للعلاقات الثنائية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، المُقرر له يوم 31 يناير 2012″، وأن بلاده “تسعى إلى تعميق العلاقات مع المغرب وجعله أهم حلفائها وشركائها في شمال إفريقيا”، بادر البلدان إلى تعداد منافع هذا الاتفاق، الذي يأتي في وقت أكّدت شخصيات اقتصادية من كلا البلدين أن “البريكسيت” سيرخي بظلاله على المعاملات التجارية بين البلدين، ما سيؤثّر على حجم المبادلات بينهما على جميع الأصعدة.

 

تأثيرات “بريكسيت”

 

تقع على عاتق المملكة المتحدة مهمة صعبة، تتمثل في مراجعة أكثر من 400 اتفاقية للاتحاد الأوربي مع باقي دول العالم، وهي ليست مهمة سهلة. ولتحقيق خروج سلس لبريطانيا من الاتحاد الأوربي، سيتعين عليها الانفتاح على الأسواق الأخرى، وخاصة في إفريقيا، ما سينعش حركة الاستيراد والتصدير بين البلدين ويُغطي -تدريجيا- الخسائر التي ستُقزّم حجم المبادلات بينهما بعد الـ”بريكسيت”، إذ ستتأثر من صادرات المغرب إلى بريطانيا، بالخصوص، قطاعات النسيج والحوامض والسيارات. وفي هذا السياق أفادت إحصائية لمكتب الصرف هذا العام بأن قطاع تصدير السيارات إلى بريطانيا حقق في 2018 ما حجمه 1.76 مليار درهم، بزيادة قيمتها %33.9، وأن حجم مبيعات الطماطم قد ناهز 358 مليون درهم في السنة نفسها، بزيادة  % 33.4 مقارنة بالسنة التي قبلها، فيما استقرت صادرات الملابس في رقم 1.1 مليار درهم في 2018، بزيادة 9% في 2017.

أما واردات المغرب من بريطانيا فناهزت 2.4 مليار درهم في مجال السيارات في 2018، بزيادة 31.2% عن السنة التي قبلها، كما ارتفعت نسبة استيراد قطع غيار الطائرات بنسبة 64.7 %، محققة رقم 1.6 مليار درهم في 2018، فيما انخفض بكيفية طفيفة حجم استيراد الأدوية وغيرها من المواد الصيدلية بنسبة 5.1% ما بين 2017 و2018، محققا رقم 344 مليون درهم.

 

بدائل لإنعاش المبادلات

 

أوردت صحيفة “بريس غازيت” البريطانية أن “المغاربة والبريطانيين سيسعون جاهدين إلى فتح أسواق جديدة بينهما لتطوير العلاقات الاقتصادية بينهما، إذ أن البريطانيين ينتظرون، خلال تنظيمهم قمة إفريقية للاستثمار ستعقد في يناير المقبل في لندن، تقديم المغرب بدائل تنعش التجارة بين الطرفين، يُتوقع أن تكون عروضا ذات صلة بقطاعَي الزراعة والطاقة المتجددة”.

وأضافت الصحيفة أنه “رغم طول العلاقات الثنائية بين بريطانيا والمغرب، والتي تعود إلى 8 قرون، فإن حجم التجارة بينهما لا يزال تحت سقف طموحاتهما، إذ أن بريطانيا تُعدّ المورّد العاشر والعميل السابع للمغرب، وهو رقم أقل بكثير من حجم التوقعات. ولن يشهد النشاط التجاري بين المملكتين انطلاقة حقيقية إلا بعد تجاوز العائق الأنغلوسكسوني، وهو عائق ثقافي أكثر منه عائق إستراتيجي”.

ولمنح دفعة قوية للاستثمارات البريطانية في المغرب، أنشأت المملكة المتحدة العام الماضي صندوقا لتمويل الصادرات البريطانية في ماي 2018، إذ يرافق إنشاء هذا الصندوق تشجيع الشركات البريطانية لطرح عروضها التجارية القابل للتصدير للمغرب، وهو صندوق قيمته 3 مليارات جنيه إسترليني سنويا (37 مليار درهم) يتم تخفيضه في خطوط الائتمان والقروض بأسعار فائدة مضافة من أجل تشجيع القدرة التنافسية. كما يهدف إلى تأمين الشركات البريطانية ضد الإخفاقات ومخاطر عدم الاستقرار السياسي في الخارج.

ومن أبرز الصفقات التي تم إبرامها بين بريطانيا والمغرب في 2019 تلك التي تُمنح بموجبها الشركة البريطانية “CDC” حصة 5% من رأسمال البنك المغربي للتجارة الخارجية، والتي تناهز قيمتها 200 مليون دولار، وتلك التي تمنح لشركتي “Gas LTD” و”Europa Oil” رخصة التنقيب على الغاز الطبيعي في نواحي مدينة أكادير.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *