عمل الفريق عبدالفتاح البرهان في دارفور (غرب السودان) أبان الاضطرابات التي عرفها هذا الإقليم. اندلع القتال في دارفور بسبب ما أطلقت عليه الحركات المسلحة “التهميش والظلامات”، لكن نظام عمر البشير وقيادات العسكرية ومن بينهم البرهان (اللجنة الأمنية)، تعمدوا أن يتحول القتال إلى صراع قبلي، بين قبائل من أصول عربية وأخرى أفريقية متجذرة.

هنا سيلتقي البرهان مع محمد حمدان دقلو الملقب باسم “حميدتي”، كيف ذلك.. سأشرح.

انقطع حميدتي عن الدراسة في وقت مبكر، ويعتقد أنه درس حتى الثالثة الابتدائية فقط ، وعمل  في تجارة الجمال، ثم تحول إلى حماية قوافل الجمال التي تتنقل بين السودان وليبيا ومصر ومالي والنيجر وتشاد، وشكل مليشيات لهذا الغرض، خاصة من قبيلته الرزيقات ذات الأصول العربية،

استقطب نظام عمر البشير حميدتي وميلشياته لتعمل ضمن مليشيات “الجنجويد” التي ارتكبت مجاز ضد القبائل الأفريقية، وفي عام 2010 أوعز عمر البشير بتشكيل “قوات الدعم السريع” من مليشيات أفرزتها حرب دارفور. عين البشير قائداً لهذه القوات حميدتي برتبة فريق أول (جنرال) على الرغم من أنه لم يدخل قط مدرسة عسكرية.

كان البشير يطلق عليه تحبباً “حمايتي” بدلاً “حميدتي” اسمه الشائع، هنا سيتعرف البرهان على حميدتي ، وكان بينها تنسيق إبان الحرب.

ارتكبت”قوات الدعم السريع” انتهاكات بلا حصر، وطالبت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين المحكمة الجنائية الدولية بإدراج حميدتي ضمن المطلوبين لدى للمحكمة.

 لعل من المفارقات أن الاتحاد الأوروبي قدم دعماً مالياً إلى حميدتي وقواته وطلب منه  بالمقابل التصدي للعصابات التي تنظم الهجرة السرية في المنطقة.

 اندلعت الثورة ضد نظام البشير في ديسمبر عام 2018، من مدينة الدمازين في جنوب شرق السودان، سرعان ما انتشرت الاحتجاجات ووصلت الخرطوم.

 استدعى البشير حميدتي وقواته لقمع المتظاهرين، لكنه أحجم عن القيام بذلك عندما تلقى معلومات من البرهان بأن القادة العسكريين سيعزلون البشير. وهو ما حدث بالفعل.

هكذا أنقلب حميدتي على البشير  الذي سقط نظامه في أبريل 2019.

اتفقت القيادات العسكرية أن يتولى قائد الجيش عوض محمد أحمد ابن عوف رئاسة البلد إلى حين إجراء انتخابات، لكن تواصلت الاحتجاجات والعصيان المدني ورفض المتظاهرون تولى ابن عوف مقاليد السلطة، لذلك حكم ليوم واحد فقط، واستغل البرهان ذلك للانقلاب على رئيسه.

 وفر حميدتي دعماً للبرهان قائد القوات البرية وحليفه السابق في دافور ليتولى رئاسة مجلس السيادة (رئاسة الدولة)، وعين البرهان حليفه حميدتي نائباً له في ذلك المجلس .

هكذا يتضح أن السمة المشتركة بين البرهان وحميدتي هي “التآمر” وانعدام “الولاء والإخلاص“.

نواصل.

*طلحة جبريل /كاتب صحفي سوداني مقيم في المغرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *