لم يجد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ما  يُشغل به نفسه ويُلهي به مناضلي الحزب، قيادة وقواعد، في هذه المرحلة الحساسة التي يمر منها الحزب، إلا مساعيه الجديدة في “لم شمل” ما تبقى من اليسار.

وأول خطوة قام بها هو اتصاله بنبيلة منيب، زعيمة اليسار الاشتراكي الموحد، واتفاقه معها على لقاء مرتقب في الساعات المقبلة.

الهدف: البحث في إمكانية توحيد الرؤى وإيجاد الصيغ الممكنة لتنسيق المواقف، في أفق بلورة بديل ديمقراطي تقدمي.

 نبيل بنعبد الله اكتشف أهمية توحيد جهود اليسار بعد سفر طويل في غياهب الآيديولوجيا الإسلاموية، تكللت بتحالف استراتيجي مع حكومة بنكيران (2011-2016) حيث شارك بمناصب وزارية وازنة، قبل أن يتخلى عنه الفريق الحكومي الجديد بقيادة سعد الدين العثماني في النسخة الثانية من حكومة (البيجيدي).

تأتي هذه الخطوة الساعية إلى الوحدة بعد انفراط عقد فيدرالية اليسار الديمقراطي، بعدما قررت نبيلة منيب المشاركة في انتخابات 2021، بشكل مستقل، ما أحدث شرخا داخليا كبيرا، في ظل معارضة عدد من القياديين في الأحزاب الثلاثة المكونة للفيدرالية للقرار ” الانفرادي” الذي اتخذته منيب.

مبادرة تنسيق المواقف تأتي، أيضا، في ظل تشكل بوادر أزمة داخل حزب التقدم والاشتراكية بسبب إصرار نبيل بنعبد الله على الظفر بولاية رابعة على رأس التنظيم

وفجرت “المناورات” التي يقوم بها الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية للبقاء في الزعامة، خلافات حادة بينه وبين مجموعة من القياديين في الحزب، تم التعبير عنها في مواجهات كلامية.

 وتفجرت هذه الخلافات بعدما طالب قياديون في الحزب بنعبد الله بالإعلان الصريح عن تخليه عن الزعامة خلال انعقاد محطة المؤتمر الوطني المقبل، وعدم اللجوء إلى المناورات، من قبيل” لن أترشح ولكن الكلمة الأخيرة للمؤتمر”، وهي  صيغة الكلام التي يُوظفها عدد من زعماء الأحزاب لضمان الخلود في الزعامة.

ويعيش الحزب على وقع إحباط تسلل إلى نفوس قياديين بعدما تبين أن نبيل بنعبد الله يرفض التفريط في الزعامة، رغم تصريحه الأخير في ندوة صحفية بشأن عدم ترشحه للأمانة العامة.

وبدأ الشرخ يتسع بين عدد من المناضلين والأمين العام للحزب، مع اقتراب موعد المؤتمر الوطني الحادي عشر لحزب التقدم والاشتراكية المقرر في الفترة ما بين 11 و13 نونبر المقبل. 

وفي الوقت الذي يتطلع فيه مناضلون إلى الرقي بالأداة التنظيمية للحزب، وتجديد هياكل الحزب، بما فيها الأمانة العامة وضخ دماء جديدة في التنظيم، وتقييم شامل للمرحلة السابقة واستخلاص العبر والدروس، يظل الهاجس الأوحد للقيادة هو الحفاظ على موقعها في الزعامة.

كل المحاولات السابقة لتوحيد اليسار فشلت. وليس هناك ما يؤشر على أن المبادرة الجديدة ستشكل استثناء.. فالشرخ داخل مكونات وأطياف اليسار قديم ومؤلم ولا يمكن معالجته بحسن النوايا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *