عبد الرزاق بوتمُزّار

 

اليـوم الـ13

التاسعة صباحا وبعضُ دقائق. تحايا مقتضبة. صوتُ أجهزة تُشغّل. خلية النحل بدأتْ تتجمع، تباعا، في أرْوقة الصحيفة.

إطلالة على أردوغـان. الـرّجل الـّذي (يـ)ـصنع الحدَث. غـوصٌ في أرقامِ وإحصـاءات تُظهر كيف انتقلتْ حكومة الرجل ببلاد الأتراك من فتى أوربيّ مُعتلّ إلى وضْع المُتعافي بين دول القارّة العجـوز. مسارٌ مُوفَّق رغم مطبّات الطريق وضرائب النجاح وأعدائه، من تماسيح وعفاريت بلاد كانتْ أتاتورك..

ثمّ تعريجٌ على عالم السجون المغربية، بالشّخوص والأحداث، وأيضا بالطّرائف التي شهدتها بعضُ بنايات هذه المؤسّسة عبْر الرّبوع.. عليكَ، أيضاً، أنْ تُطلّ على أولياء الله الصّالحين في صيغة المُؤنّث وتُجاورَ بعضَ أسماء التّقيات. استأنسْ بسِيَرهنّ في هذا الشّهر المبارك.. مَـن يدري، قدْ تطالك بعضُ بركاتِهنّ والكرامات.. ثمّ اُعبر صوب قطَر.. استجْلِ بعضَ كواليس الإمارة التي كـُتِب لها -أو اختارتْ- أن تلعب دوراً أكبر منها في منطقة “ساخنة”؛ في عالمٍ ضاجّين بالمُتغيرات حدّ السّريالية.. لكنْ، لا تنسَ أنّ الوقتَ تقاريرُ ومساءُ الرّياضة في الأفق.

إطلالاتٌ خاطفة على عالم الأثير، بين الفجوة والفجوة. ويتسربل الوقتُ نحو لحظة الولادة. كـُلّ يوم مولـُودٌ جديد، والصّحافـة ورقٌ وإلكترُون..

(لو كنتُ وجدتُ، كما أمسِ، لحظـات فقط، كنتُ نقرتُ بعضَ كلماتٍ في هذي اليوميات).. فكّرتُ وأنا ألقي نظرة أخيرة على الصّفحات أمامي. لكنْ هيهات.

الثالثة وبعـض دقـائق. مصعدٌ يتوقّف ويُفتح. تنحشر بين أربعة أو خمسة. يلفظكم الباب إلى خارج العمارة، إلى العالَم. جسدٌ مُنهَك يغادر بناية. يراوغ أجساد عباد الله في اتجاه الپرانسْ”. يقطع سكة التّرامْ وشارعين. يبتلعُه سور المدينة -الغُـول. (بالمناسَبة، من أطلق هذا الوصفَ عـلى مدينةِ الدار البيضاء؟ قرأتُه في روايات ونصـوص سردية، لكنْ لا أذكُر صاحبَ الوصف)..

غرفة واسعة. فراغٌ. صيام. بحثاً عنه، لا بأسَ مِن تصفّح صحيفة أو أقرب كتاب إلى اليد، المُهمّ أن يتفضّل النوم ويزور الجفنيْن..

السّادسة وبعضُ دقائق. قطراتٌ مـن الماء، من الصنبور أمام دورة المياه، فـي ركن البهو الضّيق، كفيلة بطرد أماراتِ نوم ما بَعد العصر.. فـي المرآة الصّغيـرة تبدو العينان منتفختين. نظاراتٌ سوداء. ينزل الأدراج. يلفّ يساراً، صعوداً نحو السّْويقـة العامرة، بحثـا عـن كرمُـوس وعـن حكايا زَمن صـائم..

الهْندية صارتْ متوفرة الآن. أينما ولـّيتَ الوجه صادفتَ أحد باعتها أو أكثر. الكرموسُ المسلمُ أيضاً متوفّر، لكن أشدّ التهاباً.. سُحنات الخضّارين ورُدودهم لا تـَشي بكبيـر استعـداد للتفـاوض ولا هيّ تـُشجّع عـلى الاحتجاج أو استنكار الغلاء. تفادياً لتطـورات فجائية، يكتفي كثيرون باستراق السّمع لالتقـاطِ ما يدُور بين أحدِ الخضّارين وزبونٍ أو زبونة كي يُكوّنوا فكرة عـن الأسعار. ويكتفي كثيرون بتكوينِ فكرة عن الأسعار ويواصلون مسيرهُم!..

(اللهمّ الهْندية -واخا بْدرهْم للحبّة- وَلا ديسيرْ شـاعْل أكثرْ مْن الجُـوّ وْمـن اللـّي صـايْمينْ فهاد الجُوّ..
أربعُ حوتات ستفي بالغرَض اليوم (إحداهـا للقطة الحامل).. ما زال فـي الشّاكـُوش دييسرُ الأمس. تمرات وقنينة رايْب، هْنديّة وبعض سْلـّو أحضرته من مراكش.. كفيلة بالإفطـار وحتى بالعشـاء.

السّحور؟ تلك عادة في حكم المُنقرض، بالنسبة إلي على الأقل، في زمن مُتداخل، إلى الأمام مُهرول..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *