رئاسة التحرير

منذ تفجّر استفادة مهرّج الحكومة، عفوا، رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، من تقاعد “مريح” يناهز 7 ملايين في الشهر الواحد (اللهمّ لا حسد) ارتفعت الأصوات مندّدة ومحتجّة ومستنكرة.

أسئلة واحتجاج واستنكار تجد مسوّغها في سؤال آخر، مباشر وضروري: ماذا تراه فعل بنكيران من أجل المغاربة حتى يستحقّ هذا التقاعد “الضخم”، ولو أنه “هدية” من الملك كما قال؟ والأدهى من ذلك أنّ حكومة بنكيران تحديدا (وبعدها حكومة “خليفته” العثماني) كانت وراء اقتطاعات متتالية من أجور الموظفين والأجَراء، “لكي يسمّن تقاعده المريح على ظهور الكادحين المغاربة”، كما قال أحد المكتوين بهذا المشهد، الذي صار “سرياليا”، بكل ما قد تحمل الكلمة من معان ودلالات.

والحقيقة أنّ قياديي الحزب الحاكم لم يعودوا يجدون أدنى حرج من أي نوع في مثل هذه الشّوهات”، إذ سرعان ما تتفجّر، هنا أو هناك، فضائح و”شوهات” مُزلزلة تكفي إحداها فقط لأن تدفع الحكومة كاملة لأن تقدّم استقالتها لو كنّا في بلد تحترم فيه الحكومات مواطنيها. لكنْ لا حياة لمَن تنادي.

بخلاف ذلك، لن يجد بنكيران أدنى حرج في أن يعترف بأنه يستفيد، فعلا، من تقاعد بالملايين شهريا من أموال دافعي الضّرائب، المقهورين، والذين زادتهم حكومة حزبه قهراً على قهر منذ توليها زمام الحكومة.

والمضحك المبكي أن بنكيران لم يجد أدنى تحرّج في ادّعاء أنه “مْزيّرة عليه الوْقت” وأن وضعيته الاجتماعية “تأزّمت” منذ عزله من مهام رئاسة الحكومة. نعم، يا سادة يا كرام، عبد الإله بن كيران، الذي تلقى تعويضات “دسمة” بعد نهاية الخدمة بصفته رئيس حكومة سابقاً، فضلاً عن مداخيل وأرباح مشاريعه الخاصة، يدّعي أمام أصحاب الوقت أنّ “الوْقت مزيّرة عْليه” لكي يحصل على هذا التقاعد الاستثنائي في بلد الاستثناء، فعلا.

بنكيران، الذي يمتلك مؤسسة خاصة (دار السلام) للتعليم الخصوصي، والتي تدر عليه أرباحا بالملايين شهريا، لم يجد أدنى “حرج” في تبرير استفادته من تقاعد استثنائي يمثل تجسيدا لأبرز مظاهر الريع، الذي لم يتعب يوما من الترديد على مسامع المغاربة خلال حملة حزبه “البيجيدي” أنه “جاء، هو وحزبه، لمحاربته والقضاء عليه”..

لكنّ الزّمن فَضّاحْ، كما يقولون.. وها زعيمُهم المدّعي يبدو بمظهر “متسول”، مدّعيا أنه يمر بضائقة مالية خانقة منذ نهاية مهامه كرئيس للحكومة. موقف ربّما كان أي من يعيشه يتمنّى لو انشقّت الأرض وابتعلته حتى لا ينقلب 180 درجة على المغاربة، الذين استطاع الحصول على أصوات العديدين منهم بفضل لباس مسوح “التقوى والزهد” والسعي إلى “الإصلاح” التي لبسها ومعه “صقور” حزبه المتأسلِم، والذين يظهر جليا، يوما بعد يوم، أن كل خطاباتهم وكلماتهم “الكبيرة” أيام كانوا في المعارضة لم تكن سوى تنويم مغناطيسيّ تمكّنوا بفضله من حصد أصوات الكثير من “المغفَّلين” الذين ظنوا أنّ بين القنافذ أملس.

إيـوَا، أش بْقى ما يتّقال؟ “اللي حْشمو ماتو”، كما كتب أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقا على خبر استفادة بنكيرانْ (المْحتاج والمسكينْ) من تقاعد “مريح على حساب من أفقرهم من المغاربة في فترة حكمه، التي لم يكن يتحرَّج خلالها من أن يدعو الكادحين والبسطاء (المحتاجين والمساكين بْالصح) بـ”بالتقشف” و”تْزيار السمطة” والذين أذاقهم بسياسات حكومته أنواعا من الظلم والحرمان الاجتماعي وأصنافا، وألحق بالموظفين والأجَراء ضررا بالغا من خلال الاقتطاعات المتواترة من رواتبهم وتقليص معاشاتهم وزيادة سن التقاعد وغيرها من “المصائب” التي عجزت كلّ الحكومات السابقة عن إركاب بردعتها لأبناء هذا الشعب المغلوب لى أمره، والذي يعيش فيه مجموعة من “المداويخ” ما زالت بعض الكلمات الوردية والتهريجات والشّطحات المضلِّلة قادرة على اللعب بعقولهم المنوَّمة وتجعلهم يستحلّون نومهم في العسل…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *