فاطمة علي

خلد المغرب اليوم العالمي للفقر الذي يتزامن مع يوم 17 أكتوبر من كل سنة على وقع ارتفاع ملحوظ في نسبة الفقر لدى السكان بسبب تداعيات جائحة كورونا.

كما يعد هذا الاحتفال ‏مناسبة لتسليط الضوء على الاستراتيجيات والسياسات الواجب اعتمادها لمكافحة الفقر بكافة أشكاله، واتخاذ إجراءات مستعجلة لتقليص معدل الفقر المدقع، لا سيما بعد تأثيرات أزمة كوفيد-‏‏19 على حياة المواطنين.‏

وتضاعف معدل الفقر في المغرب بمقدار 7 مرات أثناء الحجر الصحي وانتقلت نسبة الفقر من 17.1 بالمئة عام 2019 إلى 19,87بالمئة في عام 2020، (لم يصدر إحصاء 2021 بعد) بسبب تداعيات جائحة كورونا، حيث أن ما يفوق ثلث الساكنة النشيطة فقدت مصدر الدخل بسبب توقف أنشطتها أثناء الحجر الصحي استنادا لآخر التقارير الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط والبنك الدولي.

اتساع فجوة الفوارق الاجتماعية

وفي هذا الصدد، يقول علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للحق في الحياة، لـ”سكاي نيوز عربية”، إنه رغم الجهود التي بدلتها بلادنا لتخفيض مستويات الفقر والفقر المتعدد الأبعاد وتقليص الفوارق الاجتماعية، إلا أن اغلب المؤشرات الاجتماعية تشير إلى الإخفاق في معالجة هذه المشاكل بالمغرب، التي يقارب تعداد سكانه 36 مليون نسمة، وذلك نتيجة سوء وضعف الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للحكومة السابقة.

ويؤكد لطفي، أن جائحة كورونا كشفت عن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها العديد من الأسر المغربية، والتي لا يمكن تجاهلها في هذه الظرفية الصعبة، التي ستزداد آثارها وانعكاساتها السلبية حدة مع حلول السنة المقبلة 2022، إذا لم تتخذ إجراءات وتدابير إصلاحية جذرية عميقة للمنظومة.

ويوضح المتحدث ذاته، أنه قبل ظهور الجائحة نبهت تقارير رسمية إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية والطبقية في المغرب، إذ كشفت دراسة لـ”المندوبية السامية للتخطيط المغربية” أن 20 بالمئة من الأسر الأكثر يسرا تحصل على أكثر من نصف المدخول الإجمالي لكافة العائلات المغربية ومنهم من تضاعفت ثروته في ظل الجائحة التي اكتوت بنارها الطبقة المتوسطة والفقيرة على المستوى الاقتصادي وتدني القدرة الشرائية للأغلبية الساحقة من الأاسر المغربية.

الفقر الصحي                  

كما أكد برنامج الأمم المتحدة للتنمية حول الفقر المتعدد الأبعاد أن حوالي 13 بالمئة من المغاربة يعانون من الفقر الصحي، و20 بالمئة يفقدون مدخراتهم ويبعيون ممتلكاهم من أجل العلاج بسسب ضعف التغطية الصحية وغياب مظلة للتأمين الصحي، وتدني الإنفاق على الرعاية الصحية التي لم تتجاوز 5 بالمئة.

وأبرز محاورنا أن عدد العاملين في القطاع الصحي المغربي يقدر بحوالي 32 موظف صحي لكل 10 آلاف نسمة، في حين وضعت الأمم المتحدة ضمن أهداف الحماية الاجتماعية الشاملة للعام 2030 أهمية مهنيي الصحة أطباء وممرضين كمؤشر إلزامي لتحقيق التغطية الصحية الشاملة.

وعلى صعيد آخر، كشف لطفي أن تقرير حديث للبنك الدولي أقر أن معدل فقر التعلم في المغرب يناهز 66 بالمئة، ما يعني أن أكثر من نصف الأطفال المغاربة لا يمكنهم قراءة نص مناسب لأعمارهم وفهمه وهم في سن الدراسة.

ويوضح لطفي أن الفقر أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، حيث إن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية، إضافة إلى التمييز الاجتماعي والاستبعاد من المجتمع وانعدام فرص المشاركة في اتخاذ القرارات.

الدعوة إلى الإنصاف

لكل هذه الاعتبارات، يضيف المتحدث أن الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحياة تدعو الحكومة الجديدة إلى تبني سياسات عمومية تحقق العدالة الاجتماعية والإنصاف، والإسراع في تنزيل المشروع الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية وبدء تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض عام 2022، ليشمل الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية، وفئات المهنيين والعمال المستقلين، وصولا إلى تمكين 22 مليون مستفيد إضافي من دعم تكاليف العلاج والأدوية وتخصيص دعم اجتماعي مباشر للأسر الفقيرة بتفعيل للسجل الاجتماعي الموحد، وتعميم التعويضات العائلية خلال عامي 2023 و2024، وتوسيع قاعدة المشتركين في أنظمة التقاعد، وكذا تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل عام 2025، والتعويض عن العطالة.

وترى الشبكة أن السبيل للخروج من الفقر يستدعي أساسا التوزيع العادل للثروة وضرورة مكافحة الفساد كجزء لا يتجزأ من جهود الحد من الفقر والجوع والمرض، وضرورة تكريس الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة في مختلف جوانبها وأبعادها وتوفير الحاجيات والمتطلبات الأساسية للمواطنين بأسعار في متناول الطبقات الاجتماعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وعلى صعيد آخر، أكد المرصد الوطني للتنمية البشرية بأن معدل الفقر المدقع في المغرب انخفض بشكل ملحوظ منذ عام 2001 ‏ليمثل 1,2 في المئة فقط في 2019، في سياق تحسن شامل في مستوى عيش المغاربة، وخاصة في الوسط ‏الحضري.‎

وأوضح المرصد، في دراسة حول “دينامية الفقر في المغرب”، أن معدل الفقر النسبي انخفض بدوره بين عامي‏‏2001 و2019، من 20.4 بالمئة إلى 17.,7 بالمئة.

مبادرة من أجل مكافحة الهشاشة

ووعيا منها بالحاجة الماسة لوضع سياسات عمومية تقضي على هذه الظاهرة، التزمت المملكة المغربية، منذ عام ‏‏2015، بالاستجابة للتحديات المشتركة المدرجة في أجندة 2030، التي تضع القضاء على الفقر بكافة أشكاله، ‏على رأس أهداف التنمية المستدامة.‏

وينعكس الالتزام الوطني أيضا في برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي حظيت بعناية خاصة لتكون مساهمة في ‏التقدم السوسيو-اقتصادي للمملكة.‏

وواكبت هذه المبادرة الساكنة الأكثر فقرا من خلال برنامج مكافحة الهشاشة، مع التكفل بالمستفيدين داخل ‏مراكز خاصة، من قبيل مراكز استقبال الأطفال المتخلى عنهم، والمراكز المخصصة للأشخاص ذوي الحاجات ‏الخاصة، ودور رعاية المسنين وغيرها.‏

المصدر: سكاي نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *