رشيد مشقاقة

رسم الأديب نجيب محفوظ في روايته “الكرنك” صورة الشاعر كما يراها في الواقع. فلم يكد يستشعر الخطر مما يردده بحماسة زائدة والعرق يتصبب على جبينه أمام أصحابه في المقهى حتى اختفى من فصول الرواية بكاملها.
ولم يكن نجيب محفوظ يهذي. فعدد لا يستهان به من أهل الفن بوجه عام لا يجيدون سوى التعبير الرنان. فإن أنت خبرت سلوكهم وجدته أبعد ما يكون عما يغوون به الناس..
ادّعى حسان بن ثابت الشجاعة وكان جبانا.. ونزل أبو دلامة ساحة الوعى لا ينشد سوى السلامة..

على مر التاريخ ازدهرت تجارة الكلام وحجت قوافله من كل حدب وصوب.. وعلى مر التاريخ اختبر الزمان الشعراء واكتشف انفصام النفوس. ومشى الغاوون خلف السراب فعادوا بخفّي حنين..

الحماسة والبلاغة والخطابة يجيدها فقط الفنان الكبير عبد المجيد مجدوب على أرض التمثيل. ويعكس الواقع انشغال الشعراء بأحوالهم واستغلال الفرص السانحة..

أدب الأقوال له دواوين ومقالات وقصص وروايات بيعت في أسواق المربد وعكاظ والأسواق الممتازة. أدب الأفعال لا أسواق له!

صدق الله العظيم: “الشعراء يتبعهم الغاوون. ألم ترهم في كل واد يهيمون ويقولون ما لا يفعلون”.

وللشعراء معنى واسع يا أولي الألباب..

*رئيس المنتدى المغربي للقضاة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *