تقي الدين تاجي

 

كثُرت الحركات التسخينية في السياسة هذه الأيام، بصورة مكثفة، وربما ذلك مفهوم، في سنة انتخابية، وعلى بعد أسابيع قليلة، من إعطاء صفارة الانطلاق لتوزيع المطويات وربما حتى “المشويات”. لكن ما هو غير مفهوم، أن تتحول هاته الحركات التسخينية، الى حركات بهلوانية، تثير السخرية – حتى لا نقول الاشمئزاز – أكثر من اثارتها للجدل، أو أي شيء آخر.

وليس آخر هاته الحركات المضحكة/المبكية، سوى تلويح أحزاب من المعارضة، بتقديم ملتمس الرقابة، لإسقاط الحكومة، وكأن هاته الحكومة واقفة أصلا حتى نحتاج لإسقاطها.

والحق أن الواحد منا يتساءل، كلما تداعت الى مسامعه “فنتازيات” و”عنتريات” مشابهة، عمّن يكون هذا الجهْبذ والعالم النِحرير في علم السياسية وخباياها، الذي يستشيره الزعماء السياسيون، فتتفتق عبقريته الفذة، ليجود عليهم بمثل هاته “الخطط” المُغرقة في الكلاسيكية، سعيا وراء تحقيق أهداف ولو من وضعية التسلسل، في شباك خصم ما.

والواقع، أن مجال الدعاية الانتخابية والسياسية في العالم، تطور بشكل كبير، متجاوزا هاته الأساليب العتيقة والمكشوفة، التي تعود الى زمن ولى، كان يُعتبر فيه الضرب العشوائي في الميت رياضة وطنية.

أما اليوم ونحن على مشارف عام 2022، فكل شيء بات يتم وفق أسس علمية، تختار بدقة “الزمكان” المناسب، لتنفيذ الهجمة، ولاصابة الهدف بدقة متناهية، لا مجال فيها للخطأ.

والحقيقة أن تلويح  أحزاب (البام، الاستقلال، التقدم والاشتراكية ) بملتمس الرقابة، لإسقاط حكومة العدالة والتنمية، يجعلهم أشبه بمهندسي مسيرة ولد زروال، كما أن الملتمس، لن يُسهم سوى في زيادة شعبية هذا الحزب، الذي يتغذى أساسا، من خطاب المظلومية، ومن تقمصه لدور الضحية، الذي يحاربه الجميع، وتسعى الكائنات الفضائية الى الإطاحة به، لأنه يشكل مصدر ازعاج لسكان المريخ.

ومن هذا المنطلق، فإن الواقفين وراء هذا الملتمس، يقدمون خدمة جليلة الى حزب “الاخوة الأباجدة”، من حيث لا يدرون، ويمنحونه حياة سياسية أخرى، وعذرية جديدة (باقية فميكتها)، والأهم من ذلك فرصة مواتية، للانخراط في طقس البكاء الجماعي، وتعبئة وتجييش الناخبين، اللي “هوما أصلا قلبهم طايب على السياسيين”، كما أن إخوة العثماني يدركون جيدا، أن الرصاصة التي تقتل “ديال بصح”، لا يُسمع صوتها، وعدا عن ذلك فكل ما يثار، لا يعدو كونه “جعجعة بلا طحين”.

نعود للسطر الأول من المقال، لنؤكد مرة أخرى، أن الحركات البهلوانية لن تتوقف، طالما لازال البعض، يؤمن أن ذلك من “الأركان الرئيسية للعمل السياسي”، غير آبهٍ بالعبارات القاسية التي حملها تقرير “النموذج التنموي”،  على لسان المواطنين، الذين أعلنوا لملك البلاد، فقدانهم الثقة، في هاته النخب التي لا تجيد سوى ممارسة “الشطحات السمجة”، وكأن ذلك من ضرورات الفعل السياسي، رغم أننا نعيش عصر التكنولوجيات، وسكان الفايسبوك جاهزون في كل وقت وحين، بمشرطهم الحاد والمسنون، لتشريح وتفكيك “هرطقات الساسة” تحت مجهر “السخرية”، دون رأفة أو شفقة.

والواقع أن ملتمس الرقابة، يبقى تمرينا ديمقراطيا مكفولا بموجب الدستور، اذا مورس طبعا في وقته المناسب، لكن التمرين الأصعب الآن، هو  افشال تطلعات الشعب المغربي ، في ايجاد حل للمعضلات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. وحينها لن يفكر أحد، لا في الحكومة ولا في لمعارضة، وسيضع المواطنون الغاضبون، الجميع في سلة واحدة “وفكها يا من وحلتيها”.

ولهذا عزيزي المزايد السياسي، وأنت تمارس تسخيناتك، حاول دائماً التنفس بعمق، ولا تنس أن المعارك المعلنة، لا تعدو عن كونها “مبارزات فارغة المضمون” على شاكلة “المصارعة الامريكية الحرة” في عروض “الدبليو الدبليو إي”، وأن التدافع الحقيقي، هو الذي يتم في الميدان.

ارا ما عندك. 

 

فرق المعارضة تهدد بإسقاط حكومة العثماني إذا صوّت الفريق النيابي للبيجيدي ضد قانون الكيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *