تقي الدين تاجي

بين اليأس، والرجاء. هكذا توزعت عبارات المغاربة، التي نقلها “شكيب بنموسى”، رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، الى عاهل البلاد، ضمن التقرير الذي قدمه أمامه مساء هذا اليوم، حاملا آهات مواطنين، وأوجاعهم، من الفقر والحاجة، وغياب المال، واحباطهم من النخبة السياسية، وعدم تفعيل القوانين، وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، والفساد والغش، والتضييق على حرية التعبير والحريات الفردية داخل المجتمع.

تأوهات وعبارات، لخصها تقرير اللجنة الخاصة بصياغة النموذج التنموي الجديد، في عبارة جامعة وشاملة، كافية وشافية “الوقت ضدنا”، ..نعم لقد انطلق العداد، ولم يعد الوضع يحتمل مزيدا من التسويفات، والمماطلة، في معالجة الاختلالات، التي شابت النموذج التنموي للبلاد، وبالتالي فالوقت الأمثل للشروع في الإصلاح، هو الآن وليس غداً، واي تأخير في ذلك، سيشكل ضرارا بالغا يطال جميع الأطراف.

تقرير “لجنة نموسى”، وضع الأصبع على الداء، وجاء متماشيا مع خطاب الملك محمد السادس، في الذكرى 20 لعيد العرش سنة 2019، عندما دعا، إلى اعتماد نموذج تنموي جديد يرقى إلى تطلعات وطموحات المغاربة، ويحقق الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا.

والبلاد اليوم في سنة انتخابية، يتوجب على الأحزاب، التقاط الرسالة، وصياغة برامج واقعية، حقيقية قابلة للتحقيق والتنفيذ على أرض الواقع، بعيدا عن الخطابات الجوفاء، والوعود العرقوبية، التي تهدف فقط الى حصد مزيد من الأصوات.

10 حقائق صادمة صرح بها المغاربة لبنموسى وردت في تقريره المقدم الى الملك
10 حقائق صادمة صرح بها المغاربة لبنموسى وردت في تقريره المقدم الى الملك

وعليه فإن أي مشروع سياسي، لن يأخد بعين الاعتبار، ما جاء في تقرير اللجنة، بما في ذلك تطلعات المواطنين، و”تأوهاتهم” ، التي نقلتها لجنة بنموسى الى أعلى سلطة في البلاد، لا شك ان مآله سيكون هو الفشل، وتأخير قطار التنمية بالبلاد، سنوات إضافية أخرى، وحينها طبعا ستكون الفاتورة باهظة، لأن الفرصة تأتي مرة واحدة في العمر، ويتوجب علينا تسخير كل جهودنا، لاستغلالها على أكمل وجه.

وكما هو معروف، فإن أي نموذج تنموي ناجح، ينطلق أساسا من تعليم ناجح، يستجيب لمتطلبات العصر من تكنولوجيا وتعليم اللغات، وكذلك يستجيب لمتطلبات سوق الشغل لتأهيل يد عاملة في المستوى المطلوب، فثروة الامم في صلاح وكفاءة العنصر البشري. وكذلك توفير العيش الكريم للجميع وزرع روح المواطنة وحب الوطن، وتوعية الناس بحقوقهم وواجباتهم، ترسيخا لوطن يتسع لجميع مكوناته، على أساس التعايش السليم والديمقراطي.

والواقع أن المغرب اليوم، يعيش منعطفاً تاريخياً بخصوص نموذجه التنموي والاجتماعي، وعبارات المواطنين التي نقلها تقرير بنموسى، تدل على فقدان المغاربة، لثقتهم في السياسة والأحزاب السياسية، وبالتالي يتحتم بلورة آليات ناجعة، لاسترجاع ثقة المغاربة في مؤسساتهم، وهذا لن يتأتى طبعا، الا من خلال محاربة الفساد والريع، وجعل الثروة البشرية، من أولولية الأولويات، لإنجاح النموذج التنموي الجديد.

وهذا هو بالضبط جوهر ما نبه اليه الملك محمد السادس، في خطابه سنة 2017، بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش ” قائلا ” إن اختياراتنا التنموية تبقى عموما صائبة. إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع.”

“فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة”.

“فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة.”

“أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه. “

“وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *