اليوم وقد مات خالد نزار. صانع العـداوة ضد المغرب، يكون قد أفلت من محاكمة عدالة الأرض، ليعرض أمام محكمة السماء يكون قاضيها العادل هو رب السموات والأرض.

جواد مكرم+ القدس

توفي اليوم الجمعة، الجنرال الجزائري المتقاعد والمطلوب للعدالة الدولية، خالد نزار عن عمر ناهز 86 عاما، قضى جزاء كبيرا منها في قيادة عصابة العسكر الجزائر وارتكاب جرائم حرب ضد أبناء الجزائر بعدما صنع العداوة ضد المغرب وسلح البوليساريو.

وقاد نزار الذي كان من الجنرالات الذي هربوا من حملة الاعتقالات المسرحية لنظام شنكريحة، قبل أن يعود من إسبانيا الى الجزائر، مجازر ضد أبناء وبنات الجزائر خلال العشرية السوداء.

وسجل التاريخ، اغتيال الشهيد، محمد بوضياف، كرئيس للبلاد، على عهد حكم الجنرال نزار، لمختلف الأجهزة الأمنية في قبضته الحديدية.

 والراحل من مواليد قرية سريانة بولاية باتنة التي تعرف بمنطقة الأوراس شرق الجزائر في 27 ديسمبر 1937، لأسرة من 14 فردا، التحق بالجيش الفرنسي بإحدى مدارسه العسكرية، ليبدأ مسيرته بعد استقلال البلاد ويتحول إلى أحد أبرز رجال المؤسسة العسكرية.

في عام 1982، أي في عز عدوان أنظمة الجزائر وليبيا وكوبا ضد المغرب عبر تسليح وتدريب البوليساريو، أصبح قائدا للمنطقة العسكرية الخامسة بقسنطينة شرق البلاد، ثم عين قائدًا للقوات البرية ونائبًا لرئيس أركان الجيش الوطني الشعبي في 16 يونيو 1987.

وفي أحداث أكتوبر 1988 التي عرفت بانتفاضة الجزائريين (العشرية السوداء) ضد الظروف الاقتصادية ونظام الحزب الواحد، عهد إليه بمهمة إعادة النظام، وقد سقط في تلك المجازر المئات من الوفيات.

وفي 10 يوليو 1990، عيّنه الرئيس الشاذلي بن جديد وزيرا للدفاع، وبقي في هذا المنصب إلى يوليو 1993.

وخلال هذه المدة التي شهدت صعودا لافتا للإسلاميين، كان له دور مفصلي في وقف المسار الانتخابي بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالدور الأول نهاية سنة 1991 في الانتخابات التشريعية وكانت تتأهب لتكتسح أغلب مقاعد البرلمان، وهي الأزمة التي أدت بالرئيس الشاذلي بن جديد للاستقالة واعتبر نزار أبرز من دفعوه لذلك.

وفي الأشهر الأخيرة، عاد وزير الدفاع الجزائري السابق ليصنع الحدث مجددا بعد أن قرر القضاء السويسري تتويجا لمسلسل استمر أكثر من عشرين سنة، محاكمته عن شبهة ارتكاب جرائم في فترة الأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر، وهي المحاكمة التي أعلن في الأمس عن تحديد موعد إجرائها في يونيو المقبل.

لائحة الاتهام ا

وفي لائحة الاتهام التي قدمها مكتب المدعي العام السويسري لائحة اتهام بحق نزار الاشتباه في ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال فترة الأزمة الأمنية التي أعقبت توقيف المسار الانتخابي في البلاد سنة 1992.

وقالت النيابة العامة الفدرالية في بيان إنّ نزّار “باعتباره شخصاً مؤثّراً في الجزائر بصفته وزيراً للدفاع وعضواً بالمجلس الأعلى للدولة، وضع أشخاصاً محلّ ثقة لديه في مناصب رئيسية، وأنشأ عن علم وتعمّد هياكل تهدف إلى القضاء على المعارضة الإسلامية”.

وأضافت “تبع ذلك جرائم حرب واضطهاد معمّم ومنهجي لمدنيين اتُّهموا بالتعاطف مع المعارضين”.

وكان نزّار (86 عاماً) أوقف خلال زيارة إلى جنيف في أكتوبر 2011 لاستجوابه من جانب النيابة العامة بناء على شكوى قدّمتها ضدّه منظمة “ترايل إنترناشيونال” غير الحكومية التي تحارب الإفلات من العقاب على جرائم الحرب. وأُطلق سراحه بعد ذلك وغادر سويسرا.

وفي عام 2017، طوت النيابة العامة السويسرية الملف على أساس أنّ الحرب الأهلية الجزائرية لا تشكّل “نزاعاً مسلّحاً داخلياً” وأنّ سويسرا لا تملك تالياً صلاحية إجراء محاكمات لمتّهمين بارتكاب جرائم حرب محتملة في هذا السياق.

لكنّ المحكمة الجنائية الفدرالية اعتبرت في الطور الاستئنافي عام 2018 أنّ الاشتباكات في الجزائر كانت كثيفة إلى درجة أنّها مشابهة لمفهوم النزاع المسلح على النحو المحدّد في اتفاقيات جنيف والسوابق القضائية الدولية، في قرار ألزم النيابة العامة بإعادة النظر في القضية.

وأورد البيان أنّه بعد الاستماع إلى 24 شخصاً، قدّمت النيابة العامة لائحة الاتّهام في 28 غشت.

وأحيلت قضية نزّار إلى المحكمة الجنائية الفدرالية على خلفية “انتهاكات للقانون الإنساني الدولي بالمعنى المقصود في اتفاقيات جنيف بين عامي 1992 و1994 في سياق الحرب الأهلية في الجزائر، وعلى خلفية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية”.

ويشتبه في أن نزّار “قام على الأقلّ بالموافقة وتنسيق وتشجيع، عن علم وتعمّد، التعذيب وغيره من الأعمال القاسية واللاإنسانية والمهينة، وانتهاكات للسلامة الجسدية والعقلية، واعتقالات وإدانات تعسفية، فضلاً عن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء”.

وقد وثّقت النيابة العامة 11 حالة وقعت بين عامي 1992 و1994. وأودت الحرب الأهلية بحياة 200 ألف شخص، من بينهم الكثير من المدنيين.

من جهتها، قالت منظمة “ترايل إنترناشيونال” الثلاثاء إنّه “بعد ما يقرب من 12 عامًا من الإجراءات المضطربة، فإن الإعلان عن المحاكمة يجدّد الأمل لضحايا الحرب الأهلية الجزائرية (1991-2002) في الحصول على العدالة أخيراً. وسيكون نزّار أرفع مسؤول عسكري يحاكم في العالم على أساس الولاية القضائية الدولية”.

 اليوم وقد مات خالد نزار. صانع العـداوة ضد المغرب، يكون قد أفلت من محاكمة عدالة الأرض، ليعرض أمام محكمة السماء يكون قاضيها العادل هو رب السموات والأرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *