تنظيم هذا الملتقى يندرج في سياق التفاعل المؤسساتي المتواصل مع التوجيهات الملكية السامية، لاسيما تلك الواردة بالرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة بأكادير يوم 20 دجنبر 2019.

*الرباط le12.ma / فاطمة الزهراء السوسي

ينظم مجلس المستشارين يوم الأربعاء المقبل، الملتقى البرلماني الخامس للجهات تحت شعار “الجهة: فاعل رئيسي في النهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة” وذلك تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وذكر بلاغ لمجلس المستشارين، أن هذا الملتقى البرلماني الذي دأب على تنظيمه، بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجمعية جهات المغرب والجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم والجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، يشكل إطارا مؤسساتيا مبتكرا لتنزيل روح الدستور، الذي ينص في فصله 137 على مساهمة الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين.

وأوضح المصدر ذاته أن تنظيم هذا الملتقى يندرج في سياق التفاعل المؤسساتي المتواصل مع التوجيهات الملكية السامية، لاسيما تلك الواردة بالرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة بأكادير يوم 20 دجنبر 2019، والتي جاء فيها أن “التطبيق الفعلي لمختلف مضامين الجهوية المتقدمة ببلادنا، يظل رهينا بوجود سياسة جهوية واضحة وقابلة للتنفيذ، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وذلك وفقا لسياسة عمومية مبنية على البعد الجهوي وعلى اقتصاد ناجع وقوي، يهدف إلى خلق النمو، وتوفير فرص الشغل، وتحقيق العدالة الاجتماعية”.

وحسب البلاغ، فإن هذا الملتقى، الذي جرى التحضير له ضمن أربعة ندوات موضوعاتية جهوية بكل من جهات الداخلة-وادي الذهب ودرعة-تافيلالت والرباط-سلا-القنيطرة وجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، يروم مناقشة وتقييم السياسة الجهوية للدولة من زاوية الالتقائية والتكامل، والاستشراف الجماعي لمداخل تطوير نظم اقتصادية محلية مندمجة وإعداد التراب وفق مقاربة شمولية ومندمجة لتحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، من خلال التشاور وتبادل وجهات النظر حول سبل تكريس مداخل الالتقائية على صعيد الاختصاصات التنموية اللامركزية واللاممركزة في التدبير الأمثل للاقتصاد الترابي في سياق تنزيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وعلى ضوء المستجدات التي أتى بها الميثاق الوطني الجديد للاستثمار.

وخلص البلاغ إلى أنه وللإحاطة الشاملة بمختلف الأبعاد والتساؤلات ذات الصلة، ستتوزع أشغال الملتقى على ثلاث محاور أساسية، لاسيما، رهانات السياسة الجهوية للدولة في مجال الاستثمار العمومي، ورهانات النهوض بالاستثمار الخاص على صعيد الجهات، وكذا تحديات تفعيل الجيل الثاني من برامج التنمية الجهوية.

وحسب أرضية تأطيرية للملتقى ، يعتبر الاستثمار العمومي رافعة أساسية لتهيئة الظروف الملائمة لتحسين جاذبية الاستثمار الخاص وتحفيز التنمية الاقتصادية الترابية.  

وضمن هذا المنطق، يشكل الاستثمار العام والخاص الذي يخلق فرص العمل إحدى الأولويات التي أعلنتها السلطات العمومية، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية للحكومة في سياق اعتماد الميثاق الوطني الجديد للاستثمار الذي يتطلب تنفيذه تعبئة مبلغ 550 مليار درهم في أفق 2026.

لتنزيل هذا التوجه الاستراتيجي، وامتدادا للتدابير الرامية إلى تعزيز المستوى الجهوي على صعيد الهيكلة وتعبئة الموارد المالية والبشرية المتخذة في إطار تنفيذ أحكام القانون التنظيمي رقم 111-14 المتعلق بالجهات، فقد تم اتخاذ مجموعة من التدابير التي يمكن تجميعها ضمن واجهتي عمل أساسيتين: تهم الأولى الرفع التدريجي للعراقيل القانونية والتنظيمية التي تحد من فعالية المبادرات اللاممركزة في مجال الاستثمار العمومي؛ فيما تتوخى الثانية إحداث رجة على مستوى تبسيط المساطر الإدارية لفائدة المستثمرين الخواص، من خلال تنزيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وتعبئة الإجراءات التحفيزية التي أتى بها الميثاق الوطني الجديد للاستثمار.

عطفا على ما سلف، وعلى خلفية اتساع الفوارق التنموية بين الجهات، والرغبة المؤكدة في إعطاء زخم جديد لديناميات الاستثمار، يهدف تنظيم الدورة الخامسة للمنتدى البرلماني للجهات في موضوع “الجهة: فاعل رئيسي في النهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة” الوقوف عند مستوى الالتقائية والتكامل بين السياسة الجهوية للدولة، التي تتجسد بالأساس في مراعاة البعد الجهوي في توزيع الميزانية العامة للدولة والاستثمار العمومي، وبين برمجة التنمية الجهوية، من خلال تعميق النقاش حول: المنطق الكامن وراء التوزيع الجهوي للاستثمارات العمومية في سياق تبقى فيه الدولة هي الفاعل الرئيسي على مستوى تخصيص الموارد وعلى مستوى المعادلة (1)؛ مكانة وأدوار الجهة كجماعة ترابية في التنمية الاقتصادية وفي النهوض بالاستثمار العام والخاص على صعيد الجهة(2).

وللتداول في مختلف الأبعاد والإشكالات ذات الصلة، ستنتظم أشغال الملتقى ضمن ثلاث محاور رئيسية:

المحور الأول: رهانات السياسة الجهوية للدولة في مجال الاستثمار العمومي

فيما يتعلق بالتنمية الترابية، وبما أن التوجهات الوطنية التي تعبر عنها الدولة على المستوى المركزي ليست بمثابة مجموع التوجهات القطاعية ولا تتلاقى مع مجموع المصالح الترابية، فإن هناك حاجة ملحة لإجراء نقاش عميق حول أهمية توضيح الطريقة التي تحدد بها الدولة، في خياراتها الاستثمارية، مقاربات التنمية والتأهيل والمعادلة إزاء الجهات.  

وتتمثل الأسئلة المطروحة في هذا الصدد فيما يلي:

– ما هو المنطق الذي يحكم التوزيع الجهوي غير المتكافئ للاستثمارات العمومية؟
– كيف ينعكس مبدأ العدالة المجالية في الخيارات الاستثمارية على صعيد الجهات؟  وما هو السبيل إلى خلق واعتماد منظومة مبادئ مشتركة ومقبولة داخل الدولة أولا وبين الدولة والجهات ثانيا (مبادئ توجيهية ومبادئ عمل) في مجال برمجة ومعادلة التنمية الجهوية؟
– كيف تتيح وثائق التخطيط والبرمجة الجهوية (التصاميم الجهوية لإعداد التراب وبرامج التنمية الجهوية) إمكانية تحقيق الالتقائية بين التوجهات القطاعية الوطنية اللامركزية التي تحددها الدولة وبين الاختيارات والأولويات الخاصة بكل جهة؟  وكيف يمكن جعل “عقد البرنامج” بين الدولة والجهة الوثيقة المرجعية التي تجسد الشراكة في أهدافها ووسائلها ومشاريعها؟

المحور الثاني: رهانات النهوض بالاستثمار الخاص على صعيد الجهات

لا شك أن الآليات والتدابير الجديدة لتشجيع وتحفيز الاستثمار الخاص ودعم ريادة الأعمال المنصوص عليها في ميثاق الاستثمار طموحة في أهدافها، غير أن تعميمها وفق معايير موحدة على جميع الجهات يطرح أكثر من سؤال:
– ألا تستدعي مسألة تشجيع الاستثمار الخاص عرضًا ترابيا متمايزًا يستجيب قدر الإمكان لخصوصية كل جهة؟
– ما هو تصور الفاعلين المحليين بشأن تكييف نظام الحوافز مع خصوصيات مجالاتهم الترابية فيما يتعلق بتشجيع الاستثمار، ولا سيما التدابير الواردة تواليا في ميثاق الاستثمار (المنح القطاعية والمنح الترابية، برنامج “فرصة”، برنامج “أوراش”، وبرنامج “أنا مقاول”)؟  
– ما هي الميكانيزمات التي ينبغي من خلالها أن يؤدي مسار تنزيل اللاتمركز إلى تعزيز التكييف الترابي للتدابير التحفيزية للاستثمار من أجل ضمان فعاليتها؟

المحور الثالث: تحديات تفعيل الجيل الثاني من برامج التنمية الجهوية

من المؤكد أن الشراكة بين الدولة والجهات في مجالي التخطيط (التصاميم الجهوية لإعداد التراب) والبرمجة (برامج التنمية الجهوية) يضيف المصدر نفسه، قد أسهمت في الارتقاء بالجهة إلى مستوى شريك مؤسساتي للدولة ولباقي أصناف الجماعات الترابية، غير أن ممارسة الجهات لاختصاصاتها في مجال التنمية الاقتصادية تحيل على أكثر من تساؤل:

– كيف تتم عملية التوافق بين الدولة والجهة؟
– كيف يتم تجسيد هذا التوافق في برامج التنمية الجهوية وعقد-البرنامج بين الدولة والجهة؟
– ألا تنم الصعوبات ذات الصلة بوضع وتفعيل عقود البرامج بين الدولة والجهات عن منظومة لم تتمكن الجهة ضمنها من ترسيخ اختصاصاتها في مجال التنمية الاقتصادية؟.

هو ملتقى يأتي كموعد سنوي للنقاش العمومي عدد من القضايا الراهنة، بما يمكن من المساهمة في إنجاح التجربة الجهوية المغربية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *