في الوقت الذي تعاني فيه سجون المملكة من اكتظاظ كبير، تعول حكومة عزيز أخنوش على الدفع بمشروع قانون يتعلق بالعقوبات البذيلة، ليحل كذلك جزءا من معضلة الاعتقال الاحتياطي.

ويتماشى هذا المشروع كذلك مع تعليمات سابقة للملك، عندما أعلن في خطاب ثورة الملك والشعب لـسنة 2009، أنه “يتعين تطوير الطرق القضائية البديلة، كالوساطة والتحكيم والصلح، والأخذ بالعقوبات البديلة، وإعادة النظر في قضاء القرب”.

‎وخلال اجتماعها الأسبوعي يوم أمس الخميس، تداول مجلس الحكومة الذي ترأسه عزيز أخنوش، وصادق على مشروع القانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة، قدمه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، والذي سيتم إحالته على لجنة العدل والتشريع للبرلمان لمناقشته.

ويأتي هذا المشروع لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة من خلال إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة والحد من آثارها السلبية وفتح المجال للمستفيدين منها للتأهيل والاندماج داخل المجتمع، وذلك قصد المساهمة في الحد من مشكل الاكتظاظ داخل المؤسسات السجينة وترشيد التكاليف، ومحاربة العودة إلى الإجرام عبر إصلاح وسائل إعادة الإدماج والتأهيل من خلال تغيير النموذج الزجري.

ويتضمن هذا المشروع مقتضيات موضوعية تندرج ضمن المبادئ العامة الواردة في مجموعة القانون الجنائي وأخرى شكلية تتعلق بتنفيذ العقوبات وفق قواعد المسطرة الجنائية، وذلك من خلال إقرار مجموعة من العقوبات البديلة بعد الاطلاع على العديد من التجارب المقارنة ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي لكي تكون ناجعة وقابلة للتنفيذ تحقق الغاية المتوخاة منها.

مع استثناء الجرائم التي لا يحكم فيها بالعقوبات البديلة نظرا لخطورتها على غرار المتورطون في جرائم الاعتداء الجنسي على القاصرين، أو الأشخاص ذوي إعاقة، أو المتاجرين في المؤثرات العقلية، أو المتورطين في قضايا الإرهاب، وأخذا بعين الاعتبار حالات العود التي لا يتحقق فيها الردع المطلوب.

وقد ميز مشروع هذا القانون بين ثلاثة أنواع من العقوبات البديلة تهم: العمل لأجال المنفعة العامة؛ والمراقبة الالكترونية؛ وتقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، بناء على السلطة التقديرية للقاضي، الذي يخول له القانون تقدير طبيعة العقوبة البديلة.

وتهدف الحكومة من خلال هذا القانون إلى إعادة الإدماج وتحقيق المنفعة العامة، بذلا من استخدام الآليات الزجرية، بالنسبة لبعض المجرمين، ولا سيما أولئك الذين يعانون من الإدمان، حيث ينص مشروع القانون كعقوبة بديلة لهذه الفئة متابعة العلاج النفسي.

وسيتم ضمان مراقبة تنفيذ هذه الأحكام من قبل موظفين مدربين ومختصين من المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج الذين اكتسبوا خبرة كبيرة في مجال إعادة الإدماج وهذا ، وفقًا لقواعد طوكيو الدنيا.

ولضمان حقوق الضحايا، ينص مشروع القانون على أنه يجوز للمحكمة أن تمنع المحكوم عليه من مضايقة أو الاتصال بضحية الجريمة بأي وسيلة من الوسائل، كما ينص على تعويض أو جبر الضرر الناجم عن الجريمة. لذلك، يؤيد مشروع القانون حماية حقوق الضحية أثناء قضاء عقوبة السجن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *