في عطلة نهاية الأسبوع جربت الانقطاع عن عالم الناس بحيث لاشيء يحدث ولا أحد يجيء.

 لم يكن ذلك متاحاً إلا بالابتعاد عن الهاتف المحمول والانهماك في قراءة كتابين، ومجموعة صحف يعود تاريخها إلى ست سنوات.

إلى جانب ذلك كنت بين الفينة والأخرى أعود إلى تنقيح ومراجعة الطبعة الثانية من كتاب “صحافة تأكل أبناءها”، الذي لاقى إقبالاً مدهشاً.

 من خلال هذا الكتاب الذي يرصد مساراً مهنياً، وجدت بأنني مشيت في دروب كثيرة. تعلمت من دنيا الناس هذه أشياء وغابت عني أشياء.

حاولت في مجال الصحافة اليومية الإصلاح. جربت التأسيس. أدخل تجربة ورأسي يضج بالأفكار والرؤى وأخرج وبعضها يبقى في تلافيف الذاكرة. خسرت أصدقاء ولم أربح شيئاً. الأسى يدفعني مداً وجزراً.لم يحدث أن طلبت موقعاً فمثلي لا يطلب المواقع .

ما تكرر حدوثه أمراً عادياً، في كل مرة  أستعمل حقي في إبداء رأيي والدفاع عن وجهة نظري المهنية، وفي كل مرة إما أن أستعمل هذا الحق لكي أقلع أوتادي وأسرج بعيري وأرحل، أو يستعملون حقهم في إخراجي. هذا هو كل شيء كل منا يستعمل ما هو متاح له.

عزفت عن الالتحاق بقبائل الصحافيين الذين شدوا، رحالهم نحو “مراعي الشتاء والصيف”. لست آسفاً على ذلك، وأجد نفسي لست مهيئاً له، وبدا لي أن مكاني ليس هناك في “مراعي الشتاء والصيف“.

مكاني حيث للكلمة وهجها تحلل وتشرح وتنقب وتبحث وتوضح وتروي على مهل وترتاد آفاقاً.

قيل الكثير. ولأن الكثير مما قيل ويقال كان مجافياً لما رأيت وعشت وسمعت. قلت لابد من تدوين ذلك. ليس لإقرار حق أو أمحو باطلاً، فقط لأروي ما سمعت وما شاهدت، في ذهني أن الزمان لا يرحم والزمن لا يتوقف. هكذا خرج كتاب يروي مسيرة صحافي عاش في الصحافة المكتوبة، الورقية والإلكترونية وصحافة الوكالة.

في الطبعة الأولى لهذا الكتاب اخترت أو لنقل استعرت عنواناً يقول “من يجرؤ على الكلام”. وفي مرحلة تالية بدا لي أن ذلك العنوان لا ينسجم مع المضمون وارتأيت أن يصبح  عنوان الكتاب “صحافة تأكل أبناءها“.

 هناك الآن  الجديد المتجدد في عالم الصحافة. وهي الصحافة الافتراضية عبر الشبكات الاجتماعية.

تجربة لذيذة ومثيرة. اخترت أن أتوجه إلى حيث هذا العالم الافتراضي، وفي ظني أنه يكمل العمل في الصحافة الورقية والإلكترونية.

هي شجرة نستظل بظلها حين يشتد هجير الحياة وليس الطقس، على الرغم من أننا نعيش في فصل ربيع لم نتسم بعد رائحة وروده أو نشاهد ألوان زهوره.

 وما أشد وطأة هجير الحياة هذه الأيام.

طلحة جبريل: كاتب صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *