مناورة فاشلة تلك التي سعى من خلالها حزب العدالة والتنمية الالتفاف على خطيئة التطاول على تدبير السياسة الخارجية للمملكة التي تبقى من اختصاص ملك البلاد.

بلاغ حزب العدالة والتنمية، الذي جاء عقب اجتماع عن بعد للامانة العامة أمس الثلاثاء واستمر زهاء ثلاثة ساعات، لم يبلغ الرأي العام الوطني سوى بشيء واحد هو نكران الواقع من لدن حزب بات يسير بمنطق السلطة الأبوية، حيث لا صوت يعلوا فوق صوت  الطاعن في السن، عبد الاله ابن كيران. 

بينما كان الرأي العام، ينتظر من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الإعلان الرسمي، عن طي مرحلة رجل أساء إلى الحزب والسياسة، بلسانه الطويل وتهافته الأرعن، ومعاداة الحلفاء قبل الخصماء، أعلن عن بلاغ فارغ المحتوى شارد البوصلة. 

ماذا وقع؟ 

لقد واصل ابن كيران، ممارسة السلطة الابوية على مكونات الامانة العامة و الدفع بوهمية أنا هو البيجيدي، حتى انهى اجتماع الأمانة العامة، ببلاغ الهروب إلى الأمام والالتفاف على الواقع.

 واقع كرس بعد بلاغ الديوان الملكي، أن عزلة إبن كيران لا تحتاج إلى برهان، وأن هذا الشخص أضحى غير مرغوب فيه، وأن حل هذه المشكلة في ملعب الحزب قيادة وقواعدا وليس في مكان آخر.  

واهم من يعتقد أن حزب العدالة والتنمية الرهين للسلطة الأبوية لعبد الإله إبن كيران، قبل بلاغ الديوان الملكي، هو الحزب نفسه بعده، وهي حقيقة لا اعتقد أن البيجيدي لم يتفطن لها. 

لكن إبن كيران، يهوى ممارسة لعب رياضة التنقاز فوق الحبال، قبل أن يأتي على حزب كان صرحا من الخيال. 

فهوى ثلاثة مرات..

الأولى، عندما أستقطته صناديق الاقتراع في انتخابات 8 شتنبر 2021، وقال له المغاربة لا نريدك في كرسي السلطة. 

والثانية، عندما شرب ابن كيران وقد بلغ من العمر عتيا شيء ما وصار يطعن في إنتخابات جزئية ونتائجها، قبل أن ترمي الداخلية في فمه حجرة الحقيقة فبهت الذي زعم. 

والثالثة، عندما تطاول دون توقير على السياسة الخارجية للمملكة المحفوظة بحكم الدستور، للاختصاص الملكي، فنسج بلاغ من القصر على منوال وحدة الموضوع، لكن رسائله تجاوزت حزب مدحور. 

الدفع بسوء الفهم

لتبرير خطيئته، دفع البيجيدي بسوء الفهم، لذلك قال في بلاغ نشره على موقعه الرسمي، اطلعت عليه جريدة “le12.ma”، أن “الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، تلقت بكل ما يليق من تقدير، البلاغ الصادر من الديوان الملكي، باعتبار مكانة الملك وانطلاقا مما يكنه الحزب لجلالته من توقير واحترام”.

وأكد البلاغ، أن “الأمانة العامة تنفي نفيا مطلقا كل ما يمكن أن يفهم من بلاغها المذكور أنه تدخل في الاختصاصات الدستورية للملك وأدواره الاستراتيجية والتي ما فتئ الحزب يعبر عن تقديره العالي لها، وتثمينه ودعمه الدائمين لما يبذله جلالته من مجهودات داخليا وخارجيا للدفاع عن المصالح العليا للوطن وتثبيت وحدته الترابية وسيادته الوطنية”.

الاعتزاز الكبير بموقف الملك

وأضاف بلاغ البيجيدي، أنها “تجدد اعتزازها الكبير بموقف الملك، أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، المبدئي والثابت اتجاه القضية الفلسطينية وتأكيده المتواصل على أنها في مرتبة قضية الوحدة الترابية للمملكة”.

وأكدت أمانة حزب المصباح، أن “ممارسات الحزب ومواقفه وبلاغاته مقيدة بما يخوله الدستور لأي حزب سياسي من كون الأحزاب تؤسس وتُمارس أنشطتها بحرية في نطاق احترام الدستور والقانون، وفي إطار حرية الرأي والتعبير المكفولة بكل أشكالها بمقتضى الدستور، ومن منطلق القيام بالواجب الحزبي والوطني في احترام تام للمؤسسات الدستورية ومراعاة للمصالح الوطنية العليا”، مشيرة أنها “تنفي نفيا قاطعا علاقة ذلك بأي أجندة حزبية داخلية أو انتخابية ولا بأي مغالطات أو مزايدات سياسوية أو أي ابتزاز”.

دعم فلسطين ورفض التطبيع 

بينما كان أمينها السابق سعد الدين العثماني هو من وقع بإسم الحكومة المغربية على وثيقة الاتفاق الثلاثي (المغربي الأمريكي الاسرائيلي)، أشارت الأمانة العامة بأن “بلاغها الأخير لا يخرج عن مواقف الحزب الثابتة والمتواترة في دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ورفض التطبيع، وهو ما يعبر عنه الحزب باستمرار وفي كل مناسبة عبر مؤسسات الحزب وهيئاته، وفي إطار الإجماع الوطني”.

واشار، “أنه بلاغ يأتي في سياق تفاعل الحزب المباشر مع تصريحات وزير الشؤون الخارجية، باعتباره عضوا في الحكومة، يخضع كباقي زملائه في الحكومة، للنقد والمراقبة على أساس البرنامج الحكومي، الذي يتضمن الخطوط الرئيسية للعمل الحكومي في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية”.

الإصرار على معاداة الجميع 

وفاءا لسياسة الهجوم من أجل الدفاع، واصلت  أمانة المصباح، اصرارها على معاداة الجميع، عندما قالت إنها تستنكر، بقوة الحملة التي انخرطت فيها مجموعة من المواقع والأقلام، بمن فيهم بعض ضيوف قنوات القطب العمومي.

لقد إدعت قيادة الحزب، ان قنوات القطب العمومي وضيوفها أطلقت العنان لتفسيراتها وتأويلاتها في استغلال مقيت لبلاغ الديوان الملكي، وفي مخالفة صريحة للقانون ولأخلاقيات العمل الصحفي النبيل، بهدف الإساءة لحزب سياسي وطني يشهد له تاريخه السياسي بمواقفه الوطنية الشامخة ومساهمته المعتبرة من مختلف المواقع وفي شتى المحطات المعقدة والحاسمة من تاريخ وطننا.

هكذا هو حزب العدالة والتنمية، يأتي القول ونقيضه والفعل وخلافه، و يعبر عن الموقف وينفيه، ويدعو الى الديمقراطية، وهو غارق في الديكتاتورية، يعادي من يخالف الرأي.  ويضيق صدره من النقد.

فهل هذا كيان سياسي جدير بالثقة .. في تقديري الشخصي لا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *