أصدرت محكمة مغربية حكما غير مسبوق، يقضي برفض طلب إسقاط حضانة أم بسبب زواجها،  معتبرا أن وجود ضرر نفسي محتمل للطفلة في حالة تغيير بيئة حضانتها، يقتضي ترجيح مصلحتها الفضلى على مصلحة الأب، وإبقائها مع أمها.

وتعود فصول القضية إلى شهر أبريل من العام الماضي، حينما تقدم الأب بطلب إلى المحكمة الابتدائية بميدلت، وسط المغرب، يعرض فيه بأن المدعى عليها (طليقته) تزوجت، ولهما بنت تبلغ من العمر 8 سنوات، لذا يلتمس إسقاط حضانتها، وترتيب الآثار الناجمة على ذلك، مع النفاذ المعجل، بحسب موقع “المفكرة القانونية”.

من جهتها، أكدت الأم بأن ابنتها تتابع دراستها بتفوق كبير بالمستوى الرابع ابتدائي، وفي حاجة ماسة إلى والدتها، وبأنها تعيش في جو يطبعه الاستقرار النفسي والعائلي، ملتمسة رفض الطلب.

واستمعت المحكمة إلى أقوال الطفلة، التي أكدت بدورها أنها “تستقر مع والدتها رفقة أخوتها من أمها، وأنها تعيش في حالة جيدة رفقتهم، وأنها لا تعرف أباها لأنه لا يزورهم إلا نادرا، وأنها ترغب في العيش مع والدتها وأخوتها”.

وقضت المحكمة برفض طلب إسقاط حضانة الأم رغم زواجها، معللة قرارها، بأن الحضانة تسند لمن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في المادة 173 من قانون الأسرة، ومنها القدرة على تربية المحضون ورعايته، ومراقبة تمدرسه.

وجاء في قرار المحكمة أيضا، أنه وإن كانت المادة  171 من القانون تخول الحضانة للأم ثم للأب ثم لأم الأم فإن مقتضيات المادة 186، تفرض على المحكمة مراعاة مصلحة المحضون بالدرجة الأولى عند تطبيق مواد الباب المتعلق بالحضانة.

وثبت للمحكمة بحسب ما أورده موقع “المفكرة القانونية” المتخصص في الشؤون القانونية والقضائية، أن البنت تقيم مع والدتها رفقة زوجها وأخوتها من أمها وتحت حضانتها الفعلية مند صغرها، وأنها تنعم باستقرار نفسي مع والدتها، وتتابع دراستها بتفوق، فضلا عن أنها رفضت الانتقال للعيش مع والدها بشكل مطلق، وهو ما قد يشكل ضررا لها، الأمر الذي يجعل مصلحتها الفضلى تكمن في بقائها مع والدتها. وعليه، قضت المحكمة برفض الطلب.

وتعليقا على هذا الحكم غير المسبوق، قال الموقع المذكور، إنه يعيد إلى الواجهة الإشكاليات التي تواجه عددا كبيرا من النساء المغربيات المطلّقات الراغبات في الاحتفاظ بحضانة أبنائهن في حالة الزواج، حيث تنص المادة 175 من مدونة الأسرة على أن زواج الحاضنة الأم لا يسقط حضانتها إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز 7 سنوات، أو يلحقه ضرر من فراقها، أو إذا كانت به علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم.

وتكمن أهمية الحكم، بحسب الموقع، في كونه اعتمد على التفسير الواسع لمفهوم الضرر الذي يلحق بالطفل في حالة إسقاط حضانة الأم، وتبني فكرة الضرر النفسي المحتمل الناجم عن تغيير بيئة حضانته.

بالإضافة إلى أن الإجراءات التي اعتمدتها المحكمة والتي لجأت إلى الاستماع إلى الطفلة التي يبلغ سنها ثماني سنوات على سبيل الاستئناس للتأكّد من رأيها في مسألة إسناد حضانتها لأحد أبويها، علما بأنّ سن الاختيار المحدد في مدونة الأسرة هو 15 سنة.

وتترافع الحركة النسائية بالمغرب منذ سنوات، من أجل إسقاط كل “المقتضيات التمييزية” الواردة في مدونة الأسرة وملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية، خاصة ما يتعلق بالتمييز بين الأبوين في إسقاط الحضانة في حالة الزواج، حيث يؤدي زواج الأم الحاضنة لإسقاط حضانتها اذا كان سن الطفل يتجاوز 7 سنوات أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما لا يؤدي زواج الأب الحاضن لإسقاط حضانته بغض النظر عن سن الطفل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *