بعد الإحباط الذي صاحب عدم تلقي قيادة الاتحاد الاشتراكي لعرض المشاركة في الحكومة الحالية، التي جرى تشكيلها في أكتوبر 2021، أضحت الظروف ملائمة لكي تكسب قيادة حزب الوردة هذا الرهان، خلال أول تعديل حكومي مُرتقب.

ثمة عوامل تلعب لصالح الاتحاد الاشتراكي، أولها أن الممارسة الحكومية أبانت عن الحاجة إلى ضخ دماء جديدة في التحالف الثلاثي المشكل للأغلبية الحكومية، وتوسيعه ليشمل قوى سياسية جديدة في أفق مضاعفة وتيرة الأداء وضخ دينامية جديدة، خاصة أن الاتحاد يتوفر على “بروفايلات” مناسبة بإمكانها أن تُسهم في رفع أداء بعض القطاعات.

وثاني هذه العوامل، هي أن صعود اليسار في بعض بلدان أمريكا اللاتينية، يقتضي التكيف مع هذا الواقع الجديد والسماح لحزب ذي توجه يساري بتقديم القيمة المضافة المنشودة في مجال الترافع عن قضية السيادة الترابية للمملكة في عدد من البلدان، خاصة بالقارة اللاتينية، التي تشهد تحولات عميقة ميزتها عودة اليسار إلى الحكم وهو الذي يصطف، تاريخيا، إلى جانب الحركات الانفصالية.

ومن هذا المنطلق، ينبغي استحضار حالة كولومبيا التي سارعت إلى تطبيع علاقاتها مع الجبهة الانفصالية “بوليساريو”، بعد تنصيب الحكومة اليسارية الجديدة بقيادة “جوستافو بيترو”.

ومن ضمن العوامل الأخرى المُساعدة على دخول الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة، رفضه الانخراط بقوة في جبهة معارضة قوية للحكومة، حيث اكتفت قيادة الحزب بمنح الضوء الأخضر للتنسيق بين عمل مكونات المعارضة بمجلس النواب، التي تضم العدالة والتنمية والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، دون أن تمتد جبهة المعارضة خارج المجلس.

ومن اللافت، كذلك، أن الاتحاد الاشتراكي، رغم عدم مشاركته في الحكومة الحالية، مارس طيلة السنة التشريعية الأولى معارضة مهادنة إلى حد كبير، وابتعد عن أسلوب “المعارضة المطلقة” والإحراج والتصعيد، وهي مؤشرات يرى فيها بعض المحللين رؤية استشرافية لدى قيادة حزب الوردة، ورغبتها في الالتحاق بالحكومة.  

 يُشار إلى أن العلاقة بين الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار حافظت على تناغمها وتماسكها، رغم قيادة الأحرار للحكومة واصطفاف الاتحاد الاشتراكي في المعارضة، وقد ظهر التناغم والرؤى المشتركة حتى قبل الاستحقاقات الانتخابية الماضية.

ويشار أيضا إلى أن “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” قاد حكومة التناوب ما بين 1998 و2002، وشارك في حكومات قادها تيكنوقراط وأحزاب يمينية.

وكانت قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أظهرت استعداد الحزب للدخول في الحكومة الحالية، للدفع بإحداث إصلاحات عميقة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمساهمة في بناء مغرب قوي قادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

واعتبرت القيادة أنها “جزء من الاختيار الشعبي الذي بوأ حزبنا مكانة متقدمة، إلى جانب أحزاب أخرى”، وبناء على ذلك، ظل الحزب متشبث في أن “يتحمل المسؤولية لتفعيل النموذج التنموي الجديد والإدماج المجتمعي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *