يقول محمد شقير، المحلل السياسي والخبير في الشؤون العسكرية، إن عودة اليسار إلى الحكم في عدد من بلدان أمريكيا اللاتينية يطرح تحديات جديدة على الدبلوماسية المغربية، التي أصبحت مطالبة بالتحرك في هذه المنطقة من أجل الترافع عن السيادة الترابية للمملكة ودحض أطروحات الجبهة الانفصالية “بوليساريو”. 

حوار: جمال بورفيسي 

مع عودة اليسار إلى الحكم في بعض بلدان أمريكا اللاتينية، يُطرح السؤال حول انعكاسات هذه العودة بالنسبة إلى قضية الوحدة الترابية للمملكة، خاصة أن حكم اليسار ببعض بلدان أمريكا اللاتينية ارتبط تاريخيا بدعم الجبهة الانفصالية (بوليساريو)، وهذا ما عانيناه مع كولومبيا التي أعلنت أخيرا ربطها لعلاقات مع +بوليساريو+ مارأيكم؟ 

لا يخفى على أحد أن من بين مظاهر قصور الدبلوماسية المغربية أنها تجاهلت أو تغافلت، لفترة طويلة، عن منطقة مهمة كانت تشكل زمن الحرب الباردة، معقلا للبوليساريو، وأعني  أمريكيا اللاتينية، وكانت عدد من الدول بهذه المنطقة تعتبر من أشد المساندين لأطروحة الجبهة الانفصالية التي كانت تحظى بدعم دول مثل كوبا، التي ظلت لفترات طويلة تتولى تأطير عناصر البوليساريو وتكوينهم عسكريا، وفنزويلا، وغيرها من الدول..   

هذه الدول كانت لديها تاريخيا توجهات يسارية، والعديد من قوى اليسار التي وصلت إلى الحكم في هذه البلدان كانت منتظمة في حركات تمرد، بل كانت حركات انفصالية اندمجت في ما بعد في الحياة السياسية وتمكنت من الوصول إلى الحكم، وبحكم توجهاتها ظلت تناصر الحركات الانفصالية.

إبان حكومة عبد الرحمان اليوسفي حدث تحول بالنسبة لقضية الوحدة الترابية في علاقتها ببلدان أمريكا اللاتنية، حيث أظهرت حكومة اليوسفي دينامية ملموسة واستطاعت أن تتحرك في منطقة أمريكا اللاتينية، مما أسهم في تراجع مساندة عدد من البلدان للبوليساريو، لكن هذا الجهد لم يتواصل، ودون إغفال أسباب أخرى، فإن خفوت دينامية الدبلوماسية المغربية في أمريكا اللاتينية، أدى إلى أن كولومبيا عادت إلى مساندة بوليساريو بعد وصول اليسار فيها إلى الحكم.  

ما الذي يتعين القيام به اليوم بالنسبة للدبلوماسية الرسمية؟

على الدبلوماسية المغربية أن تستعيد المبادرة في دول أمريكا اللاتينية وتعتمد المقاربة الاستباقية وتنهج أسلوب الدبلوماسية الهجومية، عوض الركون إلى الانتظارية. هناك مكاسب تحققت، لكن حالة أمريكا اللاتينية تطرح تحديات جديدة.

لذلك، ينبغي أن تتحرك الدبلوماسية المغربية، وتبادر إلى الدفاع عن المقاربة المغربية لحل النزاع المفتعل في الصحراء، ودعم المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي، ودحض أطروحة الانفصاليين، وفق استراتيجية مدروسة.

لقد أصبح المغرب في موقع أقوى مما كان بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وبعد التحول الإيجابي في الموقف الاسباني. إن تبني اسبانيا لموقف إيجابي من النزاع في الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي، يشكل فرصة سانحة للمغرب للتحرك في منطقة أمريكيا اللاتينية خاصة وأننا نعرف التأثير الذي تتمتع به إسبانيا في هذه المنطقة. 

هل تعتقدون أن للدبلوماسية البرلمانية دورا حيويا تلعبه في هذا الإطار؟ 

أكيد أن الدبلوماسية الموازية، خاصة الدبلوماسية البرلمانية يمكن أن تلعب دورا حيويا في الترافع عن السيادة الترابية للمملكة والدفاع عن الموقف المغربي بالنسبة إلى النزاع في الصحراء المغربية، ولابد أن تعتمد الدبلوماسية الموازية على أحزاب ذات توجهات يسارية لضمان تحقيق مكاسب ديبلوماسية في هذا المجال، ونحن نستحضر هنا تجربة حكومة عبد الرحمان اليوسفي. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *