يحتفي حزب الأصالة والمعاصرة هذه السنة بمرور الذكرى الـ14 لتأسيسه في 8 غشت 2008.

وبهذه المناسبة، وجه عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للبام، نداء إلى مناضلي ومنتخبي الحزب، يدعوهم فيه إلى البقاء أوفياء لقيم ومبادئ الحزب، وتقييم الوضع الداخلي للحزب والمرحلة السياسية الراهنة، مع حثهم على العمل من أجل تعزيز الأداة التنظيمية للحزب وتقوية تنظيماته الموازية لمواجهة مختلف التحديات المطروحة في الساحة السياسية.

وأكد وهبي أن الحزب تمكن من كسب ثقة المواطنين، الذين منحوه الفوز بالمرتبة الثانية في الاستحقاقات الانتخابية لثامن شتنبر، وهو ما مكنه من فرض نفسه كقوة سياسية في المشهد السياسي الوطني.

ويُحيل نداء وهبي في بعده السياسي، إلى نجاح “البام” في التطبيع مع المشهد السياسي، إذ أصبح معادلة يُحسب لها حسابها في المنظومة السياسية الوطنية، وداخل المشهد الحزبي والسياسي الوطني بفضل شرعية صناديق الاقتراع.

خرج حزب الأصالة والمعاصرة من رحم “حركة لكل الديمقراطيين”، التي كانت تضم أطيافا مختلفة ومتعددة المشارب: يساريون، وحقوقيون وفاعلون من المجتمع المدني، انضمت إليها فئة من الأعيان وفاعلين سياسيين كانوا ينتمون إلى خمسة أحزاب حلت نفسها، ويتعلق الأمر بالحزب الوطني الديمقراطي، وحزب العهد الديمقراطي، وحزب البيئة والتنمية، ورابطة الحريات مبادرة المواطنة والتنمية.

 كان التوجه العام يسير نحو تأسيس تنظيم حزبي جديد، رغم أن بعض المنتمين إلى حركة لكل الديمقراطيين، كانوا يميلون إلى الإبقاء على الحركة وحصر أنشطة المنتمين إليها في هذا الإطار مع توسيعه ليضم كافة المدافعين عن الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان. لكن الكلمة الفصل كانت من نصيب الداعين إلى تشكيل حزب سياسي جديد لمواجهة التيار التقليداني المحافظ الذي كان يُهيمن على الساحة السياسية الوطنية.  

تشكل التنظيم السياسي الجديد في 8 غشت 2008، وبذلك تكون مرت 14 سنة على لحظة التأسيس، التي أثارت جدلا واسعا بشأن مرامي وأهداف ومستقبل الحزب الجديد.

ويؤكد بلاغ التأسيس بأن هدف الحزب هو” التموقع داخل المشهد الحزبي انطلاقا من مبادئ وأهداف واضحة، ويطمح بروح إيجابية بناءة إلى المساهمة في رص صف كل القوى الديمقراطية قصد كسب رهانات التحديث والتنمية البشرية والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.” 

مارس الحزب جاذبية غير مسبوقة في الحياة السياسية الوطنية في مجال الاستقطاب، إذ تمكن في ظرف وجيز من تشكيل قاعدة عريضة من المنتمين والمتعاطفين.

فرض نفسه بسرعة في المشهد السياسي والانتخابي. بعث التنظيم أولى إشارات القوة والتمدد في الانتخابات الجماعية لسنة 2009، التي حصل فيها على 21,7% من مجموع  المقاعد، وفي الانتخابات التشريعية لسنة 2011، كرس صعوده السريع بفوزه بـ47 مقعدا.   

هذه النتائج الإيجابية أحرجت الأحزاب ”التقليدية” التي كان البعض يصفها بـ ”الوافد الجديد”، حيث أصبح منافسا لها في المشهد السياسي والانتخابي، فيما ألصق به خصومه التقليدي العدالة والتنمية صفة “خطيئة النشأة”، على اعتبار أنه حزب  لم يتأسس بشكل ” طبيعي” بل داخل “مختبر الإدارة” بهدف وحيد هو محاربة إسلاميي العدالة والتنمية.  منحه فوزه في انتخابات 2011، الثقة الكاملة في المضي قدما في ترسيخ نفسه كقوة سياسية “عادية” داخل المشهد السياسي الوطني، فيما ظل يعتبر من قبل خصومه حزبا خارج سياق الامتداد المجتمعي.من هذا المنظور، ووجه الحزب بانتقادات شديدة، لكنه شق طريقه بثبات.

في سنة 2016، سيعيش الحزب أول نكسة انتخابية بعد وهج البدايات والآمال العريضة. ورغم قدرته الخارقة على الاستقطاب، وفوزه في الانتخابات التشريعية لسنة 2016 بـ102 مقعد انتخابي، إلا أن فشله في احتلال المرتبة الأولى ونيله رئاسة الحكومة كما كان يخطط له،  شكل له صدمة قوية وحل في الرتبة الثانية وراء حزب العدالة والتنمية. نشوة الفوز بأزيد من مائة مقعد نيابي امتزجت بمرارة الإحباط في تحقيق هدفه في الحصول على المرتبة الأولى وقيادة الحكومة.  

بعد هزيمة 2016، حدث تغيير في قيادة الحزب، حيث أصبح عبد اللطيف وهبي زعيما جديدا للبام، ومعه تغيرت قواعد وعلاقات الحزب. كشفت القيادة الجديدة عن تغيير في علاقة التنظيم بخصمه التقليدي: العدالة والتنمية.

وضع وهبي سلاح المواجهة مع تيار الإسلام السياسي في المجتمع الذي يمثله حزب العدالة والتنمية. وُوجه الحزب بانتقادات من طرف بعض المنتسبين إليه ومن طرف من غادره، بسبب مواقف القيادة الجديدة المهادنة للإسلاميين.  

في انتخابات ثامن شتنبر، كرس الحزب حضوره الانتخابي القوي، حيث نال المرتبة الثانية وراء حزب التجمع الوطني للأحرار. وبهذه النتيجة،  أصبح الحزب رقما سياسيا عاديا في المشهد السياسي. تمكن لأول مرة منذ تأسيسه، من المشاركة في الحكومة. وتعتبر القيادة أن الحزب عثر على الشرعية التي كان يبحث عنها طويلا بفعل صناديق الاقتراع، لكن  السؤال الذي يبقى مطروحا هو: إلى متى؟.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *