*منصف اسليمي

 

تحت أشعة شمس ساطعة ولفحات نسيم بارد، جلست بحديقة البيت في ضواحي بون غرب ألمانيا…تأملت المشهد فعادت بي الذاكرة لمقولة يرددها أهل بلدتي في الرقاب: “الربيع ربع”( مع فتح را  ربيع وتشديد الباء)….استعيد الذاكرة من زمن الطفولة كانت فيها تونس خضراء حقا.. وحتى قبل موجة حفر الآبار في منطقة سيدي بوزيد..

في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي.. ورغم أحوال المناخ المتغيرة والجفاف المزمن، كانت معظم الأسر التونسية في المناطق الأقل حظا في التنمية، تعيش باكتفاء ذاتي من الخضر والقمح والشعير وعلف الحيوانات وتتدثر بالقناعة دون ان تتخلى عن حلمها بعدالة ومساواة في الفرص مع مناطق ميسورة و فئات محظوظة.

أتأمل اليوم في أحوال بلد يفقد بوصلته في الاختيارات الكبرى، وتزداد فيه الفوارق بين فئات المجتمع ومناطق البلاد.. ربما يكاد معظم الناس يتساوون في الفقر  كما في فقدان القناعة..

لست متشائما لكن ما يثير قلقي هو عدم الثقة المنتشرة في اتجاهات مختلفة بين الناس ونخبهم ومؤسساتهم وحاكميهم، بينما ترتفع الجدران السياسية والقانونية التي تحصن الفاسدين، وتزداد شراسة قوى(في الداخل والخارج) تسعى لإعادة تونس إلى الوراء وحرمانها من أن تستعيد خضرتها وبهاءها…

في شهر أبريل بألمانيا يتقلب الطقس بسرعة، وهاهي نسائم الصباح الخفيفة قد تحولت إلى رياح قوية وزخات مطرية وبدأت تتوارى الشمس خلف حركة السحب الحثيثة..جلستي بحديقة البيت صارت قصيرة..وكل رمضان وأنتم بألف خير ، وجعل بركاته تعم البلد بخير شهر ابريل..كما يقول مثل أهل بلدتنا:

المطر في شهر مارس ذهب خالص، ومطر شهر برير(ابريل) يطلع السبولة من البير(البئر)..

*صحفي تونسي مقيم في ألمانيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *