*كريم شوكري 

 

قيام الصفحة الرسمية لجماعة القنيطرة بنشر الخبر المدرج أسفله مرفوقا بصورة تعود لرئيس بلدية القنيطرة، ينطوي على جرعات لافتة من البؤس الذي لا زالت شفراته الجينية تحكم قبضتها على دورة إنتاج النخب المحلية..

بصرف النظر عن سيمياء ربط الخبر بصورة رئيس المجلس البلدي، يتعين لفت الانتباه إلى الصياغة الملتبسة للخبر، باعتبارها تعطي الانطباع لدى المتلقي بأن الرجل صرف دعما ماليا من ماله الخاص لفريق النادي القنيطري، أو على الأرجح تمرير مغالطة بليدة مفادها أن الفضل يعود إليه بمفرده كرئيس المجلس البلدي في إنقاذ النادي القنيطري من مقصلة العجز المالي، مع ما تتيحه رمزية هذه المؤسسة الكروية في وجدان أبناء المدينة، من فرص التسويق السياسي لبروفايلات حزبية غمرتها خدوش و تجاعيد الزمن الأغبر..

دعونا نخضع أولا المنشور أسفله لخواريزميات المنطق القانوني الناظم للجماعات الترابية، حتى “نفسد عليهم حفلاتهم التنكرية” حسب قاموس السوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو..

نلفت انتباه من تنطلي عليهم مثل هذه الأساليب البائسة في التواصل، إلى أن صرف هذا الغلاف المالي من حسابات الجماعة يقتضي التوسل بمسطرة تداول الاختصاصات الذاتية Attributions propres للمجلس الجماعي برمته، تبعا لمنطوق المادة 92 من القانون التنظيمي 14-113 الناظم للجماعات الترابية..بمعنى أن اتخاذ قرار الدعم يفترض أنه تدرج عبر آلية تداولية انخرط فيها كل أعضاء المجلس المسير باختلاف قبعاتهم السياسية، على اعتبار أن هذا الإجراء يعتبر اختصاصا حصريا لمؤسسة المجلس الجماعي، التي لا يجب خلطها مع صلاحيات رئيس المجلس الجماعي المؤطرة بمقتضيات المادة 94 من القانون ذاته..

أما إذا كان الرجل قد تبرع على الكاك من ماله الخاص، فلا يسعنا سوى الثناء على حسن صنيعه الذي كان يجدر نشره خارج المنصة الفايسبوكية لجماعة القنيطرة..

في كل الحالات يبقى هذا المنشور بمثابة نموذج مقزز لنمط دعائي طاله الصدأ، بحكم انتمائه لزمن غير الزمن..نمط دعائي تجاوزه حراك الفتوحات الرقمية و خواريزمياتها المبدعة في تجويد العرض الإخباري..

لاشك بأن النرجسية المرضية لفئات عريضة من القيادات الإدارية بالجماعات الترابية، جعلت هؤلاء لا يلتفتون إلى عقارب الزمن باعتبارها تجاوزت النظريات الكلاسيكية للاتصال الجماهيري، التي تعود إلى زمن الحرب العالمية الأولى من قبيل نظريات: “حارس البوابة”، “الحقنة”، “تدفق المعلومة عبر مرحلتين”..

ارتقوا يا صناع القرار الجماعي، فقعر الغباء التواصلي بلغ سقف الامتلاء..

**ملحوظة: الصورة مأخوذة من الصفحة الرسمية لجماعة القنيطرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *