عبد المؤمن محو – الرباط 

في طريق معبدة نحو انتخابات عامة في المغرب خلال الأشهر المقبلة، يسعى بعض الأعيان والمنتخبين من المتورطين في ملفات فساد، إلى الحصول على تزكية أحزاب سياسية للترشح باسمها في الاستحقاقات المقبلة.

وقد تحركت مطالب مدنية من جديد، من أجل قطع الطريق هذه أمام وجوه الفساد المالي ومنع عودتهم إلى مناصب المسؤولية، فيما توفّر مقتضيات الدستور المغربي الآليات التشريعية والأخلاقية والتنظيمية لتحقيق مكسب تخليق الحياة السياسية الوطنية.

ضد ترشيح الفاسدين للانتخابات

نهاية الأسبوع الماضي، نظمت “الجمعية المغربية لحماية المال العام” (غير حكومية)، وقفات احتجاجية في عدة مدن مغربية ضد “تزكية المفسدين وناهبي المال العام في الانتخابات المقبلة”.

وأبرز رئيس جمعية حماية المال العام، محمد الغلوسي، أن “شعار الوقفات يؤطّر تقييما للأوضاع العامة في المغرب، ويبين استمرار مظاهر الفساد ونهب المال العام والريع والإفلات من العقاب رغم وعود حكومة وبرامج لتطويق كل هذه المظاهر”.

واعتبر الغلوسي، في تصريحه لـ”سكاي نيوز عربية”، أن “الأحزاب السياسية مسؤولة أيضا على محاربة الفساد، باعتبارها هيئات ذات دور كبير على المستوى الدستوري في تدبير الشأن العام وفي تأطير المواطنين وفي تخليق الحياة العامة”.

“لكن للأسف يلاحظ أن بعض الأحزاب تتناقض جملة وتفصيلا مع شعارات ترفعها من قبيل بناء الديمقراطية ومجتمع المواطنية وتخليق الحياة العامة، وذلك بسعيها لترشيح أشخاص حولهم شبهات فساد وتضارب المصالح، ومنهم أيضا من هو متابع قضائيا بتهم تتعلق بتبديد واختلاس أموال عمومية وبالرشوة”، يؤكد رئيس جمعية حماية المال العام.

ويضيف “كما أن موضوع تزكية المنتخبين تحوم حولها شبهات، باعتبارها تخضع لمعايير ومساطر داخل التنظيم الحزبي، إذ أن رئيس الحزب عادة ما ينفرد بهذه التزكيات ضدا على الضوابط”.

تنافس محموم ونداءات طوباوية

إذا كان الأمر كذلك، فإن “دعوة بعض الهيئات الوطنية لأمناء الأحزاب إلى عدم تزكية وترشيح بعض المشبوهين للانتخابات القادمة، يدخل ضمن طوباوية أخلاقية لن تجد لها الآذان الصاغية في التنافس المحموم بين الأحزاب على الفوز بأكثرية المقاعد سواء كانت جماعية أو جهوية أو وطنية”، وفقا لأستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، محمد شقير.

وتابع، في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”، أن رؤساء الأحزاب السياسية المغربية “لن يقوموا بأي خطوة في هذا المجال، نظرا لأنهم يعتبرون أنهم ما زالوا في حاجة لإعادة ترشيح بعض المنتخبين وإن كانوا متورطين في شبهات فساد، لكسب الأصوات الانتخابية بحكم تجربة هؤلاء وتمرسهم في حشد أصوات القاعدة الانتخابية المحتاجة والفقيرة والمهمة”.

كما نبه ذات المصدر إلى أن “عزوف شرائح واسعة من الناخبين خاصة الشباب الذين يرفض بعضهم حتى التسجيل في اللوائح الانتخابية، لا يرجع فقط إلى ترشح نفس الوجوه التي لا يتماهى معها هؤلاء الناخبون بسبب عقليتهم الشائخة، بل ترتبط أيضا بما يمس بضاعتهم السياسية من شبهات وسلوكيات ترتبط بالإثراء غير المشروع وقضايا فساد مالي أو أخلاقي”.

من جانبه، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي، إدريس جنداري، أن الدعوة إلى عدم ترشيح الفاسدين “خطوة مطلوبة”، متسائلا عن كيفية تنزيلها. لأن “تزكية وجوه من رموز الفساد السياسي ثمرة مرّة لتراجع الخطاب والفعل السياسي المُؤسّس”.

وأبرز، في اتصال مع “سكاي نيوز عربية”، أنه لابد من إصلاح سياسي يعيد للممارسة السياسية قيمتها المفقودة، وآنذاك لن يجد رموز الفساد السياسي موقعا”.

 

المصدر : سكاي نيوز عربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *