محمد أحداد*

 

قبل أمس كنت أقرأ دراسة أعدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول الطبقة الوسطى بالمغرب. أصبت بالإحباط. بدل أن تفسر الدراسة الأسباب التي جعلت الطبقة التي يعول عليها للمساهمة في إحداث تغيير ديمقراطي في البلد، اكتفت ببعض الأرقام التي استقتها من تقارير سابقة لمؤسسات رسمية، لتنتهي إلى الخلاصة العجيبة: الطبقة الوسطى تعاني من ضعف القدرة الشرائية، ارتفاع مصاريف الصحة والتعليم والصحة، ويهجسهم الخوف على مستقبل الأبناء.. يا لها من مفاجأة..!

لم يبدد هذا الإحباط سوى مجموعة أسست مؤخرا على فيسبوك Boycott moul gilet ضد مول جيلي أصفر تستنكر تصرفات حراس السيارات الذين نموا كالفطر في كل مكان (أصحاب الجيليات/ السترات الصفراء). انضم للمجموعة خلال فترة قصيرة فقط ما يقارب 70 ألف مشترك، وهو رقم يعادل عدد الأصوات التي حصلت عليها ستة أحزاب سياسية شاركت في الانتخابات التشريعية لسنة 2016. تجد في هذه المجموعة خليطا يندر أن تجده في مكان آخر: موظفو الدولة والقطاع الخاص، الأطباء والحرفيون، المحامون والعمال، الصحفيون، المحامون، الأساتذة، الأطر العليا، الطلبة… نساء ورجال من مختلف الأعمار يواجهون على وسائل التواصل الاجتماعية بلطجة شريحة تعمل ضد القانون وتحول حياة آلاف المغاربة يوميا إلى جحيم.

كنت حريصا – ربما بحس صحفي- خلال الأيام الماضية أن أقرأ كل القصص التي يشاركها أعضاء المجموعة حول الاعتداءات التي تعرضوا لها خلال سنوات، ومنها قصص مؤلمة لمواطنين مغاربة وجدوا أنفسهم بلا حول ولا قوة وهم يواجهون هذه الكائنات التي لا يردعها أحد.

إنه شكل احتجاجي عفوي منفلت من أي رقابة سياسية أو حساسية أيديولوجية أو انتماء ثقافي أو عرقي أو هوياتي، يدق جرس الخطر حول المشاكل الحقيقية التي يعيشها المغاربة في معيشهم اليومي. والأهم من كل ذلك، أنه لدى المنتمين للمجموعة وعي بحقوقهم، ووعي بأنهم يتعرضون للظلم وللابتزاز يوميا. صحيح أن السلطات الأمنية تحركت في بعض المدن بعد الضغط الذي مارسته المجموعة، ونقلته وسائل الإعلام، لكن الظاهرة تحتاج بالفعل تحركا حازما، وتلك الأسطورة بأن الفقر يدفعهم لذلك.. لا تصمد مع أي منطق، بعيدا عن أي تحريض ضدهم فالفقر لم يكن يوما دافعا للبلطجة واستباحة أعراض النساء والرجال والأجانب والسياح…

برافو لشباب المجموعة يستحقون التحية..

 

                                                                                                                                                *كاتب/صحفي

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *