تستر الحكومة الإسبانية، على مطلوب للقضاء الإسباني، رغم علمها بدخوله بجواز سفر وهوية مزورة، يطرح السؤال البديهي من يكون المدعو إبراهيم غالي عند الدولة العميقة في الجارة الشمالية؟، وما هي أسرار مجازفتها بإنهيار الشراكة الإستراتجية مع المغرب وإنهيار الثقة في القضاء الإسباني، من أجل إفلات مجرم من درجة زعيم عصابة جرائم ضد الإنسانية من العقاب، وإن كان من ضحاياه مواطنون إسبان؟.

  لفك شيفرات تلك الإلغاز وجب الرجوع إلى التاريخ، حيث نجد أن علاقة  إبراهيم غالي بالمخابرات العسكرية الإسبانية تعود ما قبل تحول جبهة البوليساريو إلى حركة إنفصالية مسلحة في مواجهة المغرب.

لكن قبل ذلك، لتكن بداية كشف الأوراق السرية من ملف عميل مزدوج جزائري -إسباني يدعى غالي، مع ما ورد في تقرير للشرطة الإسبانية “DGP “، حول زيارة ضابط إسباني، للمسمى زورا بن بطوش، في مستشفى “سان بيدرو ”  في منطقة لاريوخا.

*عبد الكريم المقدم

في الخامس من شهر ماي الجاري من عام 2021، وصل إلى  مستشفى “سان بيدرو ”  في منطقة لاريوخا، الضابط الإسباني المكلف من قبل قاضي محكمة التعليمات رقم (5) ، التابعة للمحكمة الوطنية،  والغرض هو التأكد من أن المدعو محمد بن بطوش هو نفسه المسمى ” إبراهيم غالي ” ،زعيم ميليشيات البوليساريو.

قابل الضابط الإسباني، الدكتور المكلف بوحدة العناية المركزة، وأطلعه على المهمة القضائية التي أتى من أجلها للمستشفى، فتأكد الضابط الاسباني، من خلال الوثائق التي حصل عليها، بأن المدعو محمد بن بطوش، هو نفسه  المسمى، إبراهيم غالي.

بن بطوش هو غالي

أخضع الضابط الإسباني، المدعو بن بطوش، لإختبار “تجربة البصمات “، أخذ بالإعتبار هوية غالي موجودة في سجلات الشرطة الوطنية الاسبانية منذ 1972، فتطابقت بصمات المسمى غالي مع بصمات المسمى بن بطوش.

تواجه الضابط الإسباني، إلى الطيب المكلف بسؤال حول الحالة الصحية، للمعني بالأمر، وما إذا كان قادرا على المثول أمام القضاء، فأكد له، بأن” غالي ” يعاني من مضاعفات تنفسية حادة، وإلتهاب رئوي ثنائي معقد، بسبب إعتلال الأعصاب، وأنه يستحيل مثوله أمام القاضي، في جلسة يوم فاتح يونيو بمدريد ، و إقترح عليه نقله للمحكمة بواسطة سيارة الإسعاف .

تقرير للشرطة الإسبانية “DGP “، الذي توصل به القاضي المكلف يوم 7 من ماي الجاري ، يقول كذلك، بأن غالي أو محمد بن بطوش، المزداد يوم 19 دجنبر 1950، دخل إسبانيا يوم 18 ابريل، على الساعة العاشرة و 45 دقيقة ليلا، عبر مطار عسكري ” بتعليمات “، يجهلها الضابط الاسباني، بدون جواز سفر ليس في إسم إبراهيم غالي و جنسية غير معروفة.

كان بطوش/ غالي، مرفقا بطبيب جزائري معروف كأحد رجال المقاومة الجزائريين ، يسمى “محمد الصغير النقاش “، وشخص ثاني قيل له بأنه احد أفراد عائلة غالي.

مواجهة التهم

دخل الضابط الاسباني لقسم وحدة  ” ICU ” بمستشفى” سان بيدرو ”  في منطقة لاريوخا ، لإستكمال باقي الإجراءات مع المدعو إبراهيم غالي منتحل صفة محمد بن بطوش.

لقد أخبر الضابط المعني بالأمر، بأنه مطلوب من طرف قاضي المحكمة الوطنية من أجل الاستماع إليه، بخصوص عدة شكايات تقدم بها ضده مواطنون إسبان وآخرون يحملون الجنسية الإسبانية، بتهم  تعذيبهم وتشريد أسرهم في منطقة “تندوف”، وحالة إغتصاب واحدة.

إستنادا إلى تقرير الشرطة الإسبانية، فقد رفض زعيم ميليشيات البوليساريو، التوقيع على محضر الإخبار بالحضور، قائلا  للضابط الإسباني  بالحرف، كما جاء في التقرير. الذي وصل المحكمة يوم 7 ماي 2021: “أحتاج إلى عدة أيام للتشاور مع السفارة الجزائرية و الأشخاص اللذين أثق بهم وطبيبي الخاص، محمد الصغير النقاش”.

ختم الضابط الإسباني تقريره، مشيرا فيه إلى أن “إبراهيم غالي “رفض التوقيع على الاستدعاء من طرف المحكمة الوطنية للمثول أمامها يوم فاتح يونيو 2021، لتفتح وسائل الإعلام ملف أسرار  طبيب المدعو غالي منتحل صفة بن بطوش.

ميت يرافق غالي

لقد اكتشفت عدد وسائل الإعلام  في منطقة ” لاريوخا ” تحديدا بأن  الشخص الذي  ادعى بأنه الطبيب الخاص للزعيم البوليساريو، ما هو إلا طبيب جزائري إسمه الدكتور محمد الصغير النقاش،، كان يتمتع بسيرة مهنية محترمة، في جامعات الطب الاسبانية، لكنه توفي في الجزائر يوم 29 ماي 2010، أي قبل 11 سنة، من ظهوره المزيف اليوم رفقة غالي في مستشفى” سان بيدرو ” بإسبانيا.( أنظر رابط جريدة LE12.MA عربية) لعدد الجمعة 21 ماي 2021.

آخر الفضائح القادمة من إسبانيا. طبيب جزائري يرافق بن بطوش بهوية مزورة لوزير متوفى

 تستر الحكومة الإسبانية، على مطلوب للقضاء الإسباني، رغم علمها بدخوله بجواز سفر وهوية مزورة، يطرح السؤال البديهي من يكون المدعو إبراهيم غالي في الدولة العميقة في الجارة الشمالية؟، وما هي أسرار مجازفتها بإنهيار الشراكة الإستراتجية مع المغرب وإنهيار الثقة في القضاء الإسباني، من أجل إفلات مجرم من درجة زعيم عصابة جرائم ضد الإنسانية من العقاب، وإن كان من ضحاياه مواطنون إسبان؟.

جنرال الصحراء

  لفك شيفرات تلك الإلغاز وجب الرجوع إلى التاريخ، حيث نجد أن علاقة  إبراهيم غالي بالمخابرات العسكرية الإسبانية تعود ما قبل تحول جبهة البوليساريو إلى حركة إنفصالية مسلحة في مواجهة المغرب.

 لقد حضر غالي، رفقة كل من مصطفى الوالي ومحفوظ علي بيبا يوم 22 أكتوبر من عام 1975 ، لقاء مع من كان يسمى وقتها بـ”جنرال الصحراء”، وهو ضابط سامي في المخابرات العسكرية الاسبانية،  يسمى “فيديريك جوميز دي سالازار” من أجل التفاهم عن إنهاء المقاومة ضد المستعمر الإسباني، وتأسيس حزب سياسي مناهض للمغرب.

لم يحضر إبراهيم غالي، اللقاء التفاوض الثاني، الذي كان يوم 29 أكتوبر من عام 1975،  والذي إحتضنه منزل الجنرال “سالازار”، وجدول أعماله إنشاء دويلة تتمتع بالحكم الذاتي تابعة لإسبانيا، وهو المقترح الذي رفضه مصطفى الوالي، بينما، كان “الخائن” إبراهيم غالي،  يبرم إتفاقا سريا مع نائب الجنرال”سالازار”، وبأمر منه، حول خيار ثان وهو تأسيس حركة إنفصالية مسلحة لاقتطاع الصحراء من تراب المغرب، وقيام كيان وهمي، شريطة العمالة  للمخابرات الإسبانية، وإن مول وتبني الطرح الإنفصالي أعداء الوحدة الترابية للمغرب.

الجنرال الديكتاتور سالازار صانع العميل غالي وجبهة البوليساريو
الجنرال الديكتاتور سالازار صانع العميل غالي وجبهة البوليساريو

لقد قبل الخائن إبراهيم غالي، عرض مهمة عميل، وجرى تخصيص راتب شهري له من صندوق المركز الأعلى لمخابرات الدفاع، الذي أصبح اسمه بعد ثمانية أشهر”CSID “.

بقى الخائن، وفيا لتوجهه كعميل للمخابرات الاسبانية، يخدم “قضيته “، كما خاطب هو بنفسه جنرال جزائري سنة 1989، لأن ” البوليساريو ” تدار من قبل ” عسكر الجزائر ” والمخابرات الاسبانية عبر عملائها.

عملاء غالي

إنطلقا من حظوته لدى الدولة العميقة في إسبانيا، سيساهم المدعو غالي، في  بناء شبكة عملاء لإسبانيا في صفة مناضلين صحراويين، وهو ما يفسره لجوء ” الصحراويين الراغبين ” في الحصول على الجنسية الاسبانية أو بطاقة الإقامة بدون عنوان، إلى خدمات فريق “غالي” المتخصص في الشؤون الاسبانية، حتى أن مذكرة صادرة عن شؤون الهجرة في اسبانيا في دجنبر من عام 1990، ستثير إنتباه المعنيين بالأمر، بضرورة الإسراع بتسوية وضعية الصحراويين ، رغم عدم الإدلاء ببعض الوثائق ” الضرورية “.

من هنا يظهر أنه لا يمكن لأي حكومة إسبانية أن تتعرض لمصالح مخابراتها الممتدة لـ 45 سنة، وهنا يظهر ربما عمق تحذير سفيرة المغرب لدى مدريد كريمة بنيعيش لفائدة القناة الإسبانية الثانية، من مغبة إخراج المدعو غالي بنفس الطريقة التي دخل بها التراب الإسباني،  في إنهاء الشراكة الإستراتجية بين الرباط ومدريد.( أنظر رابط جريدة LE12.MA عربية) لعدد الجمعة 21 ماي 2021.

سفيرة المغرب بإسبانيا: إخراج زعيم البوليساريو بالطريقة التي أدخل بها سيفاقم الأزمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *