نواصل مع الفنان الأستاذ أنور الجندي رئيس فرقة فنون للحاجة فاطمة بنمزيان، حوار الجرأة والمصارحة، في جزءا الثاني،  لنقف معه هذه المرة عند أزمة المسرح المغربي وما يعيشه جراء غلق أبواب الإذاعة والتلفزة عن دعمه برغم النجاحات التي لقيتها مسرحيات فرقة ” فنون” وحتى بعض الفرق الرائدة التي لم يستثنها الفنان أنور الجندي من باب العرفان، كما يقف عند شعوره بالحزن عندما لا يرى إسمين رائدين المرحومين محمد حسن الجندي والحاجة فاطمة بنمزيان لا يكرمان في مماتهما بإطلاق إسمهما على شارع أو مركب أو حتى ” دريبة” من دروب مدينة مراكش مسقط رأسهما، لنتابع التفاصيل..

اجرى الحوار:جلال الحسناوي 

ما هي في نظرك أزمة المسرح المسرح المغربي الحقيقية؟.

ومن ضمن الأزمات التي تُرهق كاهل المسرحيين أيضا، تلك النظرة الدونية بل الإقصائية لقنواتنا التلفزية “للأب المغبون ” المسمّى  ب “أب الفنون ” ، إذ قامت في البدء بحرمان الفرق من الوصلات الإشهارية التي كانت تغنينا عن  مزاحمة الفرق الشابة في طلب الدعم وشراء العروض من هنا وهناك !!!…  والتي كانت تجعلنا في تواصل دائم و مباشر مع الجمهور الذي ما أن يعلم بتواريخ وأماكن العروض حتى يأتي بتلقائية لشراء تذكرته، وقد كانت لنا نحن  4 أو 5 فرق النجاحات والصولات الكبيرة في هذا الصدد قبل انقطاع هذه الوصلات الإشهارية، كما أن التعويض المخصص للمسرحيات تلفزيا يكاد يكون “صدقة وعطفا ” أكثر منه تعويضا عن عمل إبداعي يُبثّ باستمرار و يعاد بثه لسنوات عديدة ومديدة وبإجحاف كبير لمستحقاتنا المالية كمؤلفين،  فالتعويضات الزهيدة التي نتقاضاها  من مكتب حقوق التأليف كحقوق للمؤلفين والنسخة الخاصة لايسمنان ولايغنيان من جوع،  إذ هم أيضا كمكتب يشتكون بعدم توصلهم من الجهات المعنية بما يجب التوصل به !!!

ولو إبتعدنا عن المنطقة الضبابية السالفة الذكر، وجب علينا من باب العرفان بالجميل الإشادة والثناء والإطراء بالمكتب الشريف للفوسفاط، الذي دأب على شراء العروض المسرحية المختلفة منذ أكثر من أربعين سنة جزاهم الله بكل خير… وكم تمنينا أن تحدو حدوه مكاتب ووزارات ومؤسسات أخرى، فالمسرح  يجب أن يوظَّف للتوعية والتحسيس ومساعدة الدولة في كل مخططاتها وأهدافها الإجتماعية والتربوية والإقتصادية والرياضية و…،  ناهيك عن القطاع الخاص الغائب الأكبر، الذي كان يجب أن يولي أهمية قصوى للإستثمار في المسرح من منطلق رابح رابح “.

س: نعرف أن فرقة فنون لفاطمة بنمزيان لها رصيد كبير من الممارسة والعروض المسرحية وأنتم تتجاوزون الخامسة والثلاثين سنة من العطاء هل أوفيتم برسالتكم نحو الجمهور المغربي؟

ج: “قطعاً ليس بعد، وأكاد أجزم أن أحلامي التأليفية والتمثيلية لم أحقق منهما ولو 30 في المائة، لذا كنت وطيلة هذه الخمسة والثلاثين سنة أُفرغ مداد يراعي في الإذاعة التي هي أيضا  أَقفلت أبوابها في وجوهنا ماينيف عن الستة أعوام لأسباب مجهولة …، فكنت قد كتبت لها: خالد بن الوليد – وأحمد شوقي -وباستور – وابن رشد – وأبو حامد الغزالي – والخنساء تُماضر -ومالك بن أنس – وفاطمة الزهراء بنت الرسول صلعم – وحسّان بن ثابت – وغيرهم من شخصيات عوّضت بها حرماني من كتابة مثل هذه الأعمال التاريخية للتلفزة والتي لاتتحمّس  عادة لمثل هذه المواضيع، والدليل هو الضوء الأحمر الذي يقف حجر عثرة في  وجه سلسلة {سبعة رجال } جراء ما يسمى بدفتر التحملات الذي لحقنا الضرر الكبير منه، فبالله عليكم هل تجوز المناقصة في الفكر والإبداع والفنون مثلها مثل مواد البناء أوما شابه ذلك؟؟؟

أما مسرحيا وأمام ضغط الممثلين وأحيانا الجمهور الكريم، أعزف عن كتابة ما أعشقه وأتوق إليه من مسرحيات مستمدّة من أعلام المغرب وحتى العرب، لكن وبمنتهى الصراحة حين أراسل جلّ الجهات التي تقتني المسرحيات، يكون جوابهم أيضا  وبإلحاح رغبتهم في تقديم مسرحيات فودفيلية ومن نوع الفارس” FARCE” ، لذا نحن في “مسرح فنون لفاطمة بنمزيان ” نمسك العصا من الوسط ونطرح قضايا مجتمعية حساسة تهم الشارع المغربي والعربي برمّته من جهة،  ومن جهة أخرى بقالب تطبعه المُلح والفرجة الفكاهية الهادفة والنظيفة…

لكني وبالموازاة مع ذلك قررت في الذكرى الخامسة والثلاثين لميلاد فرقتنا أن نقدم مسرحية باللغة العربية الفصحى، موضوعها المثير سيشد بحول الله تعالى جماهير كثيرة داخل وخارج الوطن”.

س: ماهي برامجكم الأستاذ انور على مستوى فرقتكم هل هناك جولات قادمة؟

ج: “سنقوم بمشيئة الله تعالى  قريبا بمناسبة عيدي المسيرة الخضراء والإستقلال المجيد، بجولة مسرحية بكل من إسبانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا، وما يميز هذه الجولة أننا سنقابل جمهورا من نوع خاص، تلكم الفئة الموجودة وراء الأسوار داخل بعض المؤسسات السجنية  “ألميريا الإسبانية نموذجا “.

س : كلمة أخيرة .

ج: ليست كلمة بل هي سطور تنشطر  أخي لشطرين :

– أولا : أقول إِن المسرح المغربي بشقيه العربي الدارج والأمازيغي،  يعيش حاليا بمبادرة وزارة الجالية أزهى وأبهى فتراته منذ فجر الإستقلال إلى الآن، و مرّة أخرى نتقدم بالشكر الجزيل والإمتنان الكبير للسيد وزير الجالية وشؤون الهجرة الدكتور عبد الكريم بنعتيق على هذا الدعم التاريخي…، كما ننوّه ونصفق  للمبادرة الأخيرة المتمثلة  أيضا في دعم إخواننا المسرحيين الأمازيغيين، وكذلك مبادرة شراء العروض لفائدة مغاربة العالم بأوربا وأمريكا  من خلال بعض المطربين المرموقين من قبيل الأستاذين محمد الغاوي ونعمان لحلو …

– ثانيا :  يحز في نفسي وبعد مُضي ثلاثة سنوات تقريبا على وفاة الوالدة “الحاجة فاطمة بنمزيان”، وسنتين تقريبا على رحيل الوالد “الحاج محمد حسن الجندي” رحمهما الله تعالى، دون أن تهتم أية جهة  بإطلاق إسميهما لا على استديو ولا مركب ثقافي ولا مسرح ولا مؤسسة تعليمية ولا زقاق ولا حتى “دريبة” من دروب مدينة مراكش مسقط  رأسيهما،  رغم ما قدّماه من خدمات جليلة داخل وخارج الوطن، طيلة ستين سنة عبر عطاءات فنية إجتماعية دينية تاريخية، تربوية وتحسيسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *