طلحة جبريل

ظاهرة إغلاق المدن جلبت معها الكثير من السلبيات والتباعد الاجتماعي بالمعنى الحقيقي لهذه العبارة ، وليس التباعد الجسدي الذي فرضتهالظروف الصحية .

اطمئنوا ليس موضوعي اليوم هذه الجائحة، إذ حرصت دائماً تجنب هذا الأمر في كتاباتي ، محاولاً بقدر المستطاع الحديث عن ما يبعدنا عنثقل ظلال الكآبة والقلق والوساوس التي نعيشها جميعاً.

من بين التداعيات التي لا يتحدث عنها الناس، إغلاق قاعات السينما والمسارح أبوابها، الأمر لا يقتصر على المغرب بل في العالم بأسره ،المظاهرة الوحيدة التي خرجت تحتج على إغلاق المسارح نظمت في العاصمة اليونانية أثينا في ميدانسينتاغماقبالة البرلمان وشارك فيهاحشد من الممثلات والفنانين والموسيقيين .
يذكر أن الحكومة اليونانية كانت قد ألغت جميع المهرجانات والحفلات الموسيقية وعروض المسارح.أنتقل إلى مسألة في السياق نفسه.

كنت أسمع في أغنية مرحة للمطرب السوداني الراحل عبد العزيز محمد داؤود. تذكرت حفلة أحياها في الثمانينيات فيمسرح محمدالخامسبالرباط ، اقترحت يومها على الصديق إدريس الخوري أن نذهب معاً إلى تلك الأمسية ، وأبدى حماساً للفكرة .

اعتاد الفنان أبو داؤود، كما يطلق عليه محبيه ، بين كل فاصل وآخر، أن يلقي على مستمعيه نكتة أو مزحة .أتذكر أن الخوري كان يضحكإلى حد القهقهة ، ويعبر عن إعجابه بكلمة واحدة : “مسخوط“.

عشت ذكريات جميلة مع الخوري، الذي باعدت بيني وبينه الأمكنة والأزمنة، هو معتكف في أحد أحياء سلا ، والداعي لكم بالخير في عزلةأكدال“.

ينتمي الخوري إلى جيل ذهبي من القصاصين والروائيين المغاربة، من بينهم ثلاثة تتلمذت عليهم ، هم أستاذي مبارك ربيع وأستاذي محمدإبراهيم بوعلو ، وأستاذي في المهنة عبدالجبار السحيمي، وصديقي محمد شكري، والصديق محمد زفزاف .

يا له من جيل .

شرفني إدريس الخوري عندما طلب مني كتابة تصدير لكتابهمن شرفة العين“.أقتطف لكم جزءً من ذلك التصدير كما كتبته : “إدريسالخوري كاتب مقبل على الحياة . في كل لحظة يشعرنا أن دنياه خلقت للتو ، ولأنه يحب الحياة فإن له رغبة جامحة تحدوه لارتياد كل الآفاق.
ينسحب الخوري في أغلب الأحيان إلى دواخل نفسه، ويحس أنه يواجه الحياة وحيداً، وربما كان ذلك مبعث الحزن الدفين . يقوللستمدمناً على الروابط العائلية، التي يتقاتل من أجلها الناس“. إدريس الخوري كاتب محترف ، يرى أن مهمة الكاتب غير واضحة في أذهانالناس خصوصاً أولئك الذين يمثلون نماذج بشرية نجدها كثيراً في كتاباته ، لذلك يكتب بمرارة عنالكاتبالذي يطلب منه البسطاء كتابة الحِرْزُ والتمائم .

*كاتب صحفي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *