يونس التايب

 

صحيح أن الواقع صعب، والمشاكل أصبحت متشعبة ومعقدة وكثير منها مستجد ومتنوع…. هذا أكيد… لكن، هل بسبب ذلك علينا أن نستسلم للقلق كأفراد وكمجتمع؟؟

هل علينا بسبب الواقع الصعب أن نتوقف عن انتظار الأفضل والكف عن زرع الأمل والتفاؤل الذكي في نفوس الناس؟

هل علينا أن نستسلم ونترك الناس يضيعون في بحور اليأس ويسيرون في طريق حياة تشبه الانتحار أو تؤدي إليه؟؟؟

علينا أن ننتبه أن أزمة الجائحة الوبائية التي طالت وتجاوزت كل ما كان متوقعا، أصبح من أخطر نتائجها انتشار القلق والاكتئاب في صفوف عدد كبير من المواطنين، بشكل أصبح يهدد التوازن النفسي للأفراد، ولاشك سيؤثر على دينامية الحياة في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية.

لذلك، المطلوب هو أن نستحضر أن نفسية الناس في الحضيض، وعليه مسؤوليتنا أن نناقش ونتفاعل مع قضايا واقعنا بهدوء وبإيجابية وبأمل منطقي…

الأمر أصبح ضرورة مجتمعية استراتيجية، أكثر من أي وقت مضى، وفي ذلك علينا مسؤولية اجتماعية وأخلاقية أكبر تجاه الوطن وأبناء الشعب…

لذا، أرجو منكم أصدقائي أن تنقلوا، على حساباتكم على مواقع التواصل الاجتماعي، نقط الضوء في واقعنا، و تبرزوها وتنشروها على نطاق واسع لترتفع معنويات الناس.

تقاسموا أخبار نجاحات مغربية تحدث هنا وهناك، ولو كانت نجاحات صغيرة، أو قطاعية محدودة، أو بدت لكم أنها نجاحات “هامشية”…

وثقوا أن هنالك نجاحات ونقط إيجابية حقيقية موجودة يمكن إبرازها…

وهي نجاحات بعضها مرتبط بسياسة معينة أو بفعل عمومي معين، مهما كان تقييمنا له و لأصحابه …. وبعض النجاحات تحصل ليس بالضرورة بسبب سياسة معينة أو بفعل عمومي معين، بل تحصل بتفاعل مكونات المجتمع وحركة الفاعلين المختلفين، الاقتصاديين والاجتماعيين والثقافيين، في دينامية الحياة بشكل طبيعي يؤدي إلى نجاحات تلقائية طبيعية.

المهم… حتى إن لم تجدوا نجاحات تقنعكم وتحفزكم على نشرها، فعلى الأقل انقلوا صور صمود الناس أمام الأزمة وصبرهم وتعاونهم… أليس الصمود هو أول وأكبر النجاحات ؟؟.

لذلك، أبرزوا العزيمة التي يبديها مواطنونا في وجه الأزمة، وأبرزوا كيف يتضامنون ويتآزرون “باش ما عطى الله”.

المهم، لا تتركوا اليأس يعم نفوسكم ونفوس الناس من حولكم … ولا تترددوا في المبادرة إلى التخفيف من ضيق الوضع الاجتماعي والنفسي لمن هم حولكم.

افعلوا ذلك بما استطعتم.. نعم، بما استطعتم.. لا حرج في ذلك.. و ثقوا أن ابتسامة حنونة و دعابة لطيفة قد تكفي لنشر الفرح بين الناس.. وأن دعاء صادقا قد يطمئن الناس ويهدأ من روعهم.. وأن كلمة طيبة قد تهدأ النفوس، وأن صدقة أو هدية قد تحيي الأمل في القلوب وتشحذ العزائم.

وأنتم تغادرون منزلكم وحيكم، وصادفتم شباب الحي وهم في فراغهم هائمون، ألقوا السلام عليهم بحيوية وباهتمام أكبر.. حيوهم وأنتم تبتسمون إليهم كي تعود إليهم الثقة، ويعود لهم اليقين أنهم أحياء في محيط إنساني يقدرهم ويهتم بهم.. وثقوا أنه فورا ستعود الابتسامة من وجوههم إليكم.. وحينها انقلوا لنا، عبر تدويناتكم وتعليقاتكم، ابتسامات شباب الوطن، ولو كان في عيون بعضهم شيء من الحزن أو القلق أو الخوف من الآتي.

تقاسموا على مواقع التواصل الاجتماعي، أخبار الأمثلة الإيجابية في واقعنا، وهي أمثلة موجودة وحقيقية ومتنوعة ، فقط ابحثوا عنها لأنها لن تسلط عليها أضواء الإعلام العبثي التافه “المبلي بالمرقة” وبأخبار الفضائح والمصائب والكوارث والتسفيه لكل شيء.

تحدثوا أرجوكم عن النماذج المضيئة في وطننا، سواء قل شأن أصحابها أو علا شأنهم … وإذا لم تقتنعوا بتلك النماذج المضيئة من بين الأحياء، إذن ابحثوا عن الرموز المضيئة في تاريخنا ومن بين أمواتنا رحمهم الله، كي ترجع الثقة للناس بأن الخير حق و أنه شيء ممكن، وأن القيم الجميلة ليست مستحيلة إذًا توفرت الإرادة.

عندما تتحدثون مع أشخاص يائسين من جراء ضغط المشاكل أرجوكم ذكروهم ببعض ما لديهم الآن من نعم، ولو كانت تبدو لهم “عادية” أو أقل من طموحاتهم.

قولوا لهم أن تلك النعم “العادية” شيء جيد في انتظار أن يتحقق لهم ما ينتظرونه من مزيد.

ذكروا الجميع بأن وجود الوالدين أحياء خير و بركة.. وأن وجود الأبناء بصحة وعافية خير وبركة.. و أن وجود الأحبة والإخوة بعد أن غاب الوالدين، خير وبركة.

وأن الأصدقاء الصالحين خير وبركة.. وأن الاستيقاظ في الصباح بصحة وعافية، خير وبركة.. وأن الخروج من المنزل والعودة إليه بأمن وحفظ خير وبركة… وأن توفر فرصة دراسة أو فرصة عمل، دائم أو متقطع، أو تجارة صغيرة، ولو كانت أقل من الطموح المرغوب، خير وأفضل من البطالة في واقع أصبح فيه الاقتصاد العالمي يفقد كل يوم ملايين فرص الشغل.

ذكروا الناس أن ما كان سيئا اليوم قد يتحسن ويصبح أفضل غدا بتعاوننا وتضامننا وحبنا لبعضنا البعض و حبنا لمغربنا.

المهم غلبوا لدى الناس الشعور بشيء إيجابي والإحساس بأهمية ما لديهم، سواء كان شيئا ماديا أو معنويا.. واجعلوهم يستوعبون أن كل مكتسب، ولو كان قليلا هو فضل، وهو أحسن من لاشيء، في الانتظار الأفضل.

لا تتركوا الناس يسقطون في الإحباط واليأس، ويعيشون كما لو كانوا منتحرين بينما هم أحياء، ولازال في المستقبل ما يمكن أن يكون بين أيديهم يوما.

ذكروا أنه، في نهاية الأمر، مهما كانت إراداتنا وطموحاتنا، ومهما علا انفعالنا وغضبنا وقلقنا من أشياء نخشاها على أنفسنا وعلى غيرنا، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. وهل هنالك من يستطيع الجزم أن ليس في غيب المستقبل خير كثير ممكن ؟؟ 

لذلك، لنستبشر بالخير، و لنبق الأمل و لنتحلى بالصبر، ولنلتزم بالصمود، و لنبق اليقين بأننا لا محالة منتصرون.

قولوا واكتبوا أن على هذه أرض المغرب الطيبة المباركة سيبقى دائما ما يستحق الحياة، وما يستوجب منا التعاون والتضامن والعطاء والصمود لنجعل الغد أجمل بالنسبة  لجميع أبناء الوطن.

*مستشار في الحكامة والإدماج الاقتصادي والاجتماعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *