خالد اشيبان

لا يجب الحكم على مشروع القطار فائق السرعة حسب معطيات البلد اليوم، يجب الحكم عليه حسب معطيات البلد يوم تمّ توقيع البروتوكول الأول في 2007 بين الملك والرئيس الفرنسي آنذاك.. يومذاك كان اقتصاد البلد بخير، وكانت نسبة النمو تتجاوز 5% سنويا، وكان سوق الشغل منتعشا بفضل المشاريع الكبرى التي أُطلقت، وكانت المديونية في مستوى معقول جدا، وكان التفاؤل يسود المناخ العام…

حينذاك، كانت كلفة إنجاز المشروع (20 مليار درهم) لا تساوي شيئا أمام ما يتم إنجازه في الوقت نفسه من مشاريع ومرافق أخرى، أو بجانب ما كان يُخصّص لدعم المحروقات والغاز مثلا، وكانت نسبة النمو تمكّن من خلق ثروة سنوية حينذاك تجعل تكلفة الـ”تي جي في” معقولة.

لذلك يجب الحكم على المشروع في ظروف توقيعه، وليس في ظروف تدشينه.. فماذا لو استمر الاقتصاد المغربي على نفس الإيقاع منذ 2007 إلى اليوم، وبنفس دينامية خلق الثروة ومناصب الشغل، وبنفس الدينامية التي صاحبت إطلاق الاوراش الكبرى، وبنفس مستوى المديونية المعقول، وبنفس التوازن في المؤشرات الماكراقتصادية؟ هل كان سيظهر لنا اليوم الـ”تي جي في” ترفا لسنا في حاجة إليه؟!

عادي جدا أن يظهر لنا المشروع اليوم شيئا ثانويا لا يمثل أولوية للعباد وللبلاد، لأن الظروف اليوم غير الظروف حينذاك، والنمو في أضعف مستوى، والمديونية في أعلى مستوى، ودرجة الاحتقان غير مسبوقة، والمرافق العمومية في حالة كارثية، والاحتجاجات تعمّ البلاد…

عادي جدا.. لكن الحكم لن يكون موضوعيا إلا إذا وضعته في الزمكان الصحيح! او قل وضع قضية البراق على سكة السياق ..سياق ظروف البلد زمن التوقيع على صفقة إعطاء الضوء  لبدء اشغال الانطلاق ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *