مواكبة: le12.ma

اتصلت برقم مركز شركة السيارات التي كنت اشتريت سيارتي منها، فاتضح أن الأمر يتعلق برقم مركز للنداء.. أعطتني العاملة في مركز النداء رقم مركز الشركة… اتصلت بالمركز.. أجابتني سيدة وسألتني عن طلبي. قلت لها”بغيت ندير الفيدونج كومبلي، ونبدل ليبلاكيط ديال الفران، والفيلطر ديال المازوط، والفيلطر ديال الريح”. قالت لي :”اتسنى هانا ندوزك لصحاب الرونديفو فالكاراج”..

فبقي الهاتف يرن ويرن ويرن ويرن ويرن، مدة الاتصال وصلت إلى 4 دقائق ونصف.. وأخيرا أجابني شخص.. أخبرته بما أريد. قال لي: “نعطيك رونديفو لنهار الأربعاء”.. قلت له :”لا ما موالمنيش هاذ النهار. غانكون مسافر فيه”. قال لي :”وشمن نهار بغيتي؟”.. قلت له :”غدا الثلاثاء”.. قال لي :”بلاتي تسنى ما تقطعش”..

وترك الخط مفتوحا.. ثم دخل في حوارات مع عدد من الزبناء.. تحدث معهم وتحدثوا معه عن كل شيء.. بصوت مرتفع وأحيانا بالصراخ.. تحدثوا عن ليكارط كريز… وعن الطريطات.. وعن البلاكات.. وعن الفاكتورات. وعن كل ما يمكن أن يخطر على البال.. وكنت متأكدا أنه كان يتلذذ وهو يعلم أنني أنتظره عبر الهاتف وأسمع حواراته التي يبدو فيها وكأنه رجل سلطة يتحدث بصوت مرتفع ويعطي الأوامر ويوضح للناس ما لا يفهمون..

وعندما شعرت بأنه قد أخذ حصته كاملة من التلذذ بالسلطة، بدأت أنادي بصوت مرتفع :”آلووو.. آلووو. آلووو….”.. فأجابني “آلو. نعم أسيدي. عاود قل لي شنو بغيتي”.. حينها أدركت أنه في حاجة إلى علاج.. وعلاج المرضى النفسيين الذين تُمارس عليهم الديكتاتورية في الحياة فينتهزون هم أيضا أي فرصة مُتاحة كي يمارسوها على الناس، يكون بالصدمة..

والصدمة كانت هي إفهامه بأن الأسلوب الذي استعمله معي غير لائق وأنه كان الأحرى به أن ينتهي من مكالمته معي عوض أن يتركني أستمع إلى أسرار عمله وإلى ما كان يقوله للناس، وأخبرته أن مكالمتي معه مسجلة، وسأتقدم بشكاية ضده بتهمة سوء معاملة الزبائن ونهرهم والحديث معهم بطريقة متعجرفة وفظة.. حينها، تبدلت نبرته.. وطلب مني أن أعطيه اسمي ورقم هاتفي. فأعطيتهما له.. فقال لي :”تقدر تجي وقت ما بغيتي”.. قلت له :”غانجي غدا إن شاء الله فالجوج ونص من بعد الظهر”. قال لي:

“مرحبا”….. وهذا ما كان.

 

*احمد  الدافري كاتب وناقد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *