الرباط- متابعة

وجه محمد اشرورو، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة في مجلس النواب اليوم الأربعاء، انتقادات شديدة لحكومة، مؤكدا أنها “فشلت في اعتماد مشروع قانون للمالية يستجيب لحاجيات ومتطلبات المواطنين، التواقين إلى مجتمع يخلو من المعضلات الاجتماعية، مثل البطالة والأمية والفوارق الاجتماعية والمجالية الصارخة”.

ووصف اشرورو القرارات والتدابير التي تتخذها الحكومة باللاشعبية واللاجتماعية، التي يكتوي بنارها المواطن، مؤكدا أن الكل يتعرض للهجمات الشرسة للمركب الحكومي المصالحي المناهض للعدالة الاجتماعية والمجالية، والرافض لضمان وإعمال الحقوق والحريات، المنصوص عليها في القوانين الوطنية الملاءمَة مع منظومة العهود والمواثيق الدولية.

واتّهم المصدر نفسه، خلال تدخله في مناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية في الجلسة العامة، الحكومة بـ”التنصل من  وعودها الانتخابية، والتزاماتها المتضمنة في البرنامج الحكومي”، الذي وصفه رئيس الفريق بـ”كشكول الوعود المضللة”، لأنه بعيد كل البعد عن استحضار راهن الزمن السياسي والاجتماعي المغربي، من جهة، وعن الأخذ بعين الاعتبار التحولات والرهانات الكبرى والتحديات المرهقة للسياق العالمي، من جهة أخرى. 

ووجّه المسؤول البرلماني  كلامه لوزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون قائلا: “حكومتكم تعرضت لزلزال سياسي، إثر إقالة عدد من الوزراء وعدد من كبار المسؤولين المنفذين للسياسات القطاعية لبرنامجكم الحكومي، بفعل سوء تدبيركم وغياب الحكامة في تنفيذ برامجكم وعدم التفعيل الملموس لربط المسؤولية بالمحاسبة طبقا لمقتضيات الدستور”.

وواجه المتحدث ذاته الحكومة بالمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية، “التي تعكس أزمة خانقة، أبرزها توسع خريطة الفقر والهشاشة، وتفاقم مظاهر سوء توزيع الثروة والسلطة بين المركز والجهات،  واستفحال بطالة الشباب والكهول، وتدهور القدرة الشرائية لأغلب الفئات والشرائح الاجتماعية، وتكاثر مختلف أشكال الإجرام، مع تراجع منظومة القيم الإنسانية والأخلاقية، وتكرار الانتكاسات الحقوقية غير المتوقعة، بل وتعطيل الحوار الاجتماعي.

وقال النائب البرلماني إن الميزة الاستثنائية للدورة البرلمانية الخريفية لهذه السنة، تتمثل في سوء تدبير الحكومة للشأن العام الوطني، ولا سيما عند استحضار عدم التقائية ونجاعة سياساتها، وفي ضعف حكامتها وهدرها للمال العام. 

وأشار اشرورو، في هذا الصدد، إلى “تزايد فظيع للخصاص في مجال العدالة الاجتماعية، رغم وجود أكثر من 100 برنامج اجتماعي، ما يجعلنا كمغاربة بعيدين عن بلوغ هدف بلورة نظام عصري ومستدام للحماية الاجتماعية، خاصة في غياب إنجاز طفرة حقيقية في مجال الاستثمار ودعم الإنتاج وخلق فرص الشغل”. 

وسجل رئيس فريق البام، كذلك، “غياب مخطط حكومي يهدف إلى معالجة إشكالية الخصاص في مجال العدالة الاجتماعية والمجالية والتشغيل والاستثمار المنتج”.

وأكد اشرورو أن “مشروع قانون المالية لسنة 2019 غير قادر على أن يكون في مستوى تطلعات الملك، ولا يلبي انتظارات ممثلي الأمة، ولا يستجيب لحاجات المغاربة”.

وتوجّه اشرورو بكلامه إلى الحكومة قائلا “إن المغاربة ملوا أسلوبكم التمويهي والتضليلي، الذي يتبجح خطابيا بالمكانة الاستثنائية للمسألة الاجتماعية في مشاريع القوانين المالية، لكنكم عند التنفيذ تفندون كل مزاعمكم الخطابية. وهذا ما ينطبق أيضا على مشروع القانون المالي لسنة 2019”.

ورغم “الأزمة التدبيرية التي تواجهها الحكومة، فإنها بدل أن تستجمع جهودها وتتفرّغ لخدمة الصالح العام، انشغلت بتدبير صراع مكوناتها وأغلبيتها، وأهملت تدبير الشأن العام والتواصل البّناء مع المواطنات والمواطنين، ولم تتجاوب مع توصيات تقارير المجلس الأعلى للحسابات بشأن اختلالات عدم الالتقائية وعدم النجاعة الاقتصادية والاجتماعية للسياسات العمومية”.

وتابع اشرورو “حكومتكم عاجزة عن إبداع جيل جديد من إصلاحات التفعيل وفق قيم الديمقراطية.. وغير قادرة على إنجاز طفرة حقيقية في مجال الاستثمار المنتج للثروة ولفرص الشغل.. ولا حول لها ولا قوة بخصوص القيام بقفزة اجتماعية عبر ضمان اجتماعي للجميع”.

وأكد اشرورو أن “إطلاق العنان للخطاب الشعبوي على لسان الكثير ممن يتولون تدبير الشأن السياسي في الحكومة أفرز ظواهر لا نرضاها لبلادنا كمغاربة، وهي تبخيس المؤسسات، وفقدان الأمل في العيش الكريم في هذا الوطن”.

وتُجمع عدة تقارير على “ارتفاع نسبة الانتحار، وانفجار الرغبة في الهجرة الجماعية للشباب حامل الشواهد العليا، أو مغامرة شباب آخرين يفضّلون ركوب قوارب الموت على حياة الضياع، ناهيك عن الانتشار الفظيع للفساد والرشوة والمحسوبية، وكذا تبادل المصالح بين الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي”.

وقال اشرورو إن “إنجازات” الحكومة، حسب تقارير المجلس الأعلى للحسابات، “كانت صادمة للمغاربة، في ظل

مخططات وبرامج واتفاقات لم تنفذ أصلا، أو لم تنفذ على الوجه المطلوب، وغياب المحاسبة الممنهجة، وفي ظل ممارسة وزارة الاقتصاد والمالية لسياسة التمويه وعدم الشّفافية عند صياغة مشاريع قوانين المالية، إذ تتحكم في الميكانزمات والمفاهيم والبيانات، ضربا للشفافية المطلوبة، وخاصة في علاقاتها مع المؤسسة التشريعية، ومع مؤسسة الرقابة العليا على المال العام في المملكة”.

وأضاف رئيس فريق البام بالغرفة الأولى أن وزارة الاقتصاد والمالية لا تعتمد في احتساب المبلغ الصافي للمداخيل الجبائية تلك المبالغ المحولة من عوائد الضريبة على القيمة المضافة إلى الجماعات المحلية، والمبالغ المرجوعة إلى المقاولات والشركات من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات. وأضاف أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي كانت موضوع “اهتمام خاص” و”ميزانيات مهمة” في قانون المالية لسنة 2016، “تم العبث بها عند الأجرأة والتنفيذ”.. وبالمختصر المفيد، يؤكد اشرورو، “هناك تلاعب بالأرقام وشعبوية مالية، إن لم نقل “نصب تقني” لخدمة أغراض سياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *