le12.ma

بعد انتشار فيروس كورونا في ووهان، قررت السلطات الصينية اغلاق المدينة بشكل كامل منعا لانتشار الفيروس خارجها. خاصة وأن الصين تمر بفترة اعياد ينتقل خلالها الملايين من المدن إلى القرى.

أدهم السيد، طالب لبناني يقطن بالمدينة المذكورة يحكي عن معاناته منذ اليوم الأول من إخضاع المدينة للحجر الصحي، ويقول أدهم في تدويناته على مواقع التواصل الإجتماعي، “انا من الأشخاص الذين عاشوا تجارب الحرب. في لبنان ٢٠٠٦، وسوريا في ٢٠١٥. كنا نعلم من أين يأتي العدو، ننتظر الغارة أو القصف ونأخذ حذرنا. مع بداية الحرب، تبدأ الناس بتخزين المواد الغذائية، تخزين الوقود. التاجر الجشع (تجار الأزمات) يرفع ويحتكر الأسعار. تصبح الطرقات فارغة، تتحول مدن بأكملها إلى مدن ميته، وتبدأ صعوبات الحياة.

في ووهان هناك حرب من نوع آخر، يضيف السيد، “حرب أشرس من أي حرب اعرفها، في هذه الحرب لا تعرف من هو عدوك بالتحديد، كل شي يتحرك قد يكون هو “عدوك” الذي يحمل الفيروس. يصبح الحل الأفضل هو الجلوس في الغرفة، عدم التواصل مع احد، عدم الخروج حتى لو كان هناك أمر طارئ”.

وبالرغم من أن المدينة تعيش حربا شرسة، حسب المدوّن، فالدولة موجودة بقوة، لا غياب للمواد الغذائية الأساسية، لا احتكار للأسعار، المؤسسات التجارية الكبرى فتحت أبوابها بدوام شبه طبيعي. المواد الغذائية تتأمن بشكل يومي.

وأضاف الطالب اللبناني، “انأ طالب أجنبي هنا، لكن إلى الآن لم اشعر الا انني مواطن من هذا البلد، لا بل، انا احصل على رعاية خاصة، الجامعة تتواصل معنا يوميا، عبر التعليمات أو عبر مكتب شؤون الطلاب أو مسؤولي الاقسام أو مكتب السكن الجامعي، حصلنا على الكمامات (masks) عندما كانت غير متوفر في كل مكان في المدينة، بعض الجامعات بدأت بتوصيل طلبات الطلاب من مأكل ومشرب وكل ما يحتاجونه من أساسيات إلى غرفهم، من أجل أن تحافظ على سلامتهم”.

وواصل، “يطلب منا عدم الخروج الا للضرورة، وحتى الآن لا نخرج الا لتخزين الطعام، طبعا يمنع منعا باتا الخروج من دون الكمامة (mask)، ولكن طبعا لن يمنعك أحد من الخروج، خاصة وأن هناك الكثير من الطلاب يعيشون خارج السكن الجامعي، لذا فهم يأتون بشكل دوري لأخذ احتياجاتهم”.

“في ووهان الحياة ليست طبيعية ابدا، وضع المدينة صعب، هذه المدينة التي أعيش فيها منذ ٥ سنوات، والتي يقال عنها انها مختلفة كل يوم، اراها حزينة اليوم، تقاتل عن الجميع، تحارب من أجل البشرية، نعم، وكأننا نشاهد فيلم، ولكن بأبطال حقيقيين من لحم ودم، انتشر خبر المستشفى التي ستبنى بعشرة أيام، ولكن هذا إنجاز بسيط بالمقارنة مع ما يحدث هنا. الحياة ليست على طبيعتها نعم، ولكن النظام موجود، كل شيء يسير كما يجب أن يكون. وهكذا يكون القتال، الجبهات كلها تعمل بشكل متناغم، الناس تلتزم بالتعليمات بشكل كامل وفوري، الأطباء يبدعون، العمال يستمرون بواجباتهم (اليوم الصبح كان في عمال عميسقوا الشجر بالشارع مثل كل يوم، وطبعا ما في زبالة بالشارع)، الحكومة تقوم بواجباتها، الشعب الصيني كله يدعم ووهان، والطلاب الأجانب جميعهم يقفون إلى جانب ووهان في معركتها هذه.

وعبّر أدهم عن حزنه على الوضع الذي يعيشون فيه، ويقول أن حياتهم في خطر وليست طبيعية، “انا حزين على هذه المدينة وأهلها الذين بفضلهم استطعت أن استكمل تعليمي. ولكن انا سعيد لأني جزأ من هذه المعركة، مع أناس لا يعرفون الحقد ولا التمييز، أناس يجيدون القتال، ومن يجيد القتال والانتظام سينتصر حكما.

بعد تسعة أيام عمل فقط، تم الانتهاء من أعمال بناء المستشفى التخصصي الأول لعلاج فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان، حيث تم تسليم المستشفى إلى فرق متخصصة من الجيش الصيني، على أن يبدأ باستقبال المصابين منذ صباح الاثنين.

وتجدر الإشارة إلى أن المستشفى يتسع لألف سرير ومجهز بوسائل طبية متطورة تعوض النقص الحالي في مستشفيات المدينة، وسيكون نقطة تحول أساسية في مواجهة الفيروس، حيث سيستكمل الخطوة الكبيرة التي اتخذتها الحكومة من خلال إخضاع مدينة ووهان للحجر الصحر. كما أنه خلال الأيام الثلاثة القادمة ستنتهي أعمال بناء المستشفى الثاني التخصصي والذي يتسع ل 1500 سرير.

وأضاف السيد، أن الصين في “حرب حقيقية هدفها حماية الانسان، وأثبتت الايام الماضية ان الأولوية في الصين هي للإنسان وليس للاقتصاد، عندما يكون الإنسان في خطر يتم حشد كل الإمكانات من أجل الدفاع حتى لو أدى ذلك لتراجع الاقتصاد، فإغلاق مدينة ووهان يأثر بشكل كبير على اقتصاد البلاد، فهي تقع في وسط الصين (المأهولة) وهي نقطة عبور لكل المواصلات البرية والنهرية تقريبا، إلا أن السلطات لم تتردد في إغلاقها عندما أصبح ذلك ضرورة لحماية الصينيين والبشرية”.

شاهد الفيديو:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *