عبد المجيد النبسي

             

لن يجلس نيرون زمانه ليتفرج على مدينة الفقيه بنصالح وهي تحترق، لأن أجسادنا ستكون بردا وسلاما عليها.

نعم، صبغها بكل ألوان المسخ، لكنْ بقيت عشقنا الأول وستبقى عشقنا الأبدي.

جرّب نيرون كل الحيل، فغاص في الأساطير، يبحث عن خدعة. جرّب حصان طروادة فتلاشت أجزاؤه الخشبية وسقط من كان يتحين هجوم الليل، ليقضّ مضجعنا فتفاجأ لما رآنا جميعا واقفين نستدفئ بخشب حصانه.

صاح من شدة الحنق في وجه زبانيته: “أطلقوا ميدوزا، لا أريد أن أرى إلا الحجر، أريد أن يتكلس الجميع، لا فرق عندي بين عميري وشكدالي”..

تحركت ميدوزا وعادت إلى بلاطه مذعورة مهزومة، بعد أن فقدت كل جبروتها. ارتعشت فرائص نيرون زمانه وأرغى وأزبد. تسمّر زبانيته في أماكنهم. نظر إليهم، أمسك بتلابيب كبيرهم وهو يصيح: “أفتوني في هؤلاء القوم”.

“عليك بالبساط السحري يا نيروننا”

ابتسم بمكر، ربّت على كتف من كانت يداه تمسك بخناقه، صاح بهيستيريا “ليكن ذلك قبل أن يرتد إلي طرفي”..

أحضروا بساط الريح، امتطاه بزهو كبير، حلّق فوق قصره. تبعته الساحرة الشمطاء ممتطية مكنسة، وتبعه الذباب. حلق فوق حافير، فوق سيدي أحمد الضاوي، فتق آيت الراضي، لم يجد أتباعه. تذكر الغيطة والطبل والهدية مسبوقة بالجمل. تذكر المرحومة وتسرابها بالسمية، ثم حلق فوق القوم حيث كانوا لا يزالون يستدفئون بخشب الحصان. أمر هدهده باستطلاع الأمر، لكن الهدهد أبى أن يقترب من القوم والنار. أدار وجهه نحو الساحرة الشمطاء لتقوم بمهمة الهدهد، فاعتذرت بكون الدخان سيزيد متاعبها التنفسية، وخاف الذباب كذلك من صهد النار.

ثار نيرون زمانه في وجه من كان يتبعه. اقترب من القوم ليعرف سر صمودهم. استهواه ركوب بساط الريح ونسي لهب النار التي تحته. شمّ رائحة الدخان والاحتراق وحسب أنها آتية من جيرانه. ولما “كبرت بانت”، وكان بعد أن احترق بساط الريح.

سقط نيرون زمانه فوق أكوام الخشب الملتهبة فابتعد القوم عنه… وبعد أن يئس تذكر أن “صيّاد النعام يْلگاها يلگاها” وأن بني عمير وبني شكدال لهم رب يحميهم من نيرون جبروت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *