الرباط- جمال بورفيسي
في ظل استمرار وضعية الهشاشة التي تعيشها الأغلبية الحكومية الحالية، والمطبوعة بخلافات حادة بين مكوناتها، كان آخرها الخلاف الذي فجره انتخاب رئيس مجلس المستشارين، يوم الاثنين الماضي، بعدما قدم البيجيدي مرشحه لرئاسة المجلس ضدا على توجه حلفائه، الأحرار والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية، توحي كل المؤشرات بأن تعديلا حكوميا وشيكا من شأنه أن يضخ دماء جديدة في التحالف “المهترئ”.

وأفادت مصادر مقربة من الحكومة موقع “le 12ma” بأن الوضع المرتبك داخل الأغلبية يؤثر سلبا على أدائها، ما يستوجب تعديلا يعيد بعض التوازن المفقود للتحالف، المكون من ستة أحزاب.

وتعيش الأغلبية الحكومية على إيقاع خلافات تطفو باستمرار على سطح الأحداث، ما يطرح السؤال حول حقيقة هذه الأغلبية ومدى انسجامها وفعالية أدائها.

وكان عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، قد طالب، مؤخرا في خطوة مفاجئة، تأجيل اجتماع للأغلبية كان من مقررا أن ينعقد مساء الاثنين الماضي، أي مباشرة بعد تجديد رئاسة مجلس المستشارين، للتداول في بعض القضايا المطروحة والاتفاق على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع ميزانية 2019.

وربطت مصادرنا من الأغلبية الحكومية طلب أخنوش تأجيل اجتماع الأغلبية بخروج البيجيدي عن اجماع الأغلبية، التي قررت في وقت سابق عدم تقديم مرشح مشترك.

وتمكن حكيم بن شماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، من الاحتفاظ بمنصبه كرئيس لمجلس المستشارين، بدعم من أربع فرق من الأغلبية الحكومية.

وليست خلافات الأغلبية وليدة انتخاب رئيس جديد للمستشارين، بل كانت هناك سوابق، ما يؤشر على وجود “أزمة” تستلزم إعادة ترتيب البيت الداخلي للحكومة، في أفق ضمان حد أدنى من الانسجام والتناغم والنجاعة في التدبير.

وتناسلت التصريحات والتصريحات المضادة داخل الجهاز الحكومي. فمنذ تشكيل التحالف الحالي “الهجين”، لا يكاد يمر أسبوع دون حدوث مناوشات داخله. وسبق لرشيد الطالبي علمي، وزير الشباب والرياضة وعضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، أن وجه انتقادات شديدة إلى حزب العدالة والتنمية، متهما إياه بـ”السعي إلى “تخريب البلد”، بالتشكيك في المؤسسات والمنتخبين.

ورغم أن سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية طالب أعضاء حزبه بعدم الرد على تصريحات القيادي التجمعي، فإن نائبه الأول سليمان العمراني تساءل، في تدوينة نشرها في حسابه على موقع فيسبوك، موجها كلامه إلى الطالبي علمي: “أتساءل لماذا أنتم باقون في حكومة يقودها حزب بالمواصفات التي ذكرتَ؟ ولماذا تبقى هذه الحكومة أصلا؟ شيء ما ليس على ما يرام، نريد أن نعرف.. هل هذا موقف شخصي، رغم خطورته، أم هو موقف الحزب؟ لا بد من الوضوح”.

ولم تتوقف المناوشات بين الحزبين هنا، فقد سبق لرئيس الحكومة السابقة عبد الإله بنكيران أن أدخل الحكومة في أزمة بعدما وجه انتقادات شديدة إلى حلفاء العثماني، خاصة أخنوش، ما اثار استياء الأخير، الذي نبّه العثماني إلى التداعيات السلبية لتصريحات بنكيران على السير العادي للحكومة.

وتواترت آنذاك أخبار عن “غضب” الأحرار من العثماني بسبب عدم رده على بنكيران، الى درجة الحديث عن مقاطعة وزراء الحزب لمجلس حكومي، وهو ما نفاه أخنوش. لكن الأخير صرح باستحالة أن تشتغل الحكومة في ظل “التشويش” الذي يأتي من خارجها، والذي يعرّضها لأزمات تنعكس سلبا على حسن سيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *