هيئة تحرير LE12.MA

أثير جدل مجتمعي في الآونة الأخيرة في المغرب، همّ ظاهرة الإحراق العلني للعلم الوطني أو لجوازات سفر من قبَل بعض المواطنين المغاربة، داخل المملكة وخارجها، ما أثار تطارح جملة أسئلة تتناول، في مجملها، مدى عمق الشعور الوطني لدى المغاربة، وكيف استبدّت هذه الظاهرة الدخيلة بعدد من خيرة شبابنا.

يرى بعض المثقفين المغاربة، الذين أدلوا برأيهم في هذا الصدد، أن ظاهرة “التنكر للوطن”، عبر الإساءة إلى رموزه، أو إحراق علمه أو جواز سفر، ما هو إلا رد فعل غير مسؤول لمواطنين رزحوا مدداً طويلة تحت وطأة أزمات اجتماعية شتى، دفعتهم إلى النفور من بلدهم، ليتولّد لديهم نوع من “الكُفر” بالوطن.

لا شك في أن من تمسهم هذه الظاهرة كُثرٌ في المغرب، إلا أن الدوافع إليها تختلف من واحد إلى آخر، إذ يلجأ إليها بعض من اغتيل لديهم كل شعور بالانتماء إلى الوطن جرّاء شعورهم بأنهم لا يملكون فيه شيئا، أو أولئك المستًلًبين من جهات خارجية، تتخذهم عملاء لها لخدمة أجندات مشبوهة داخل أو خارج البلاد، أو فئة أخرى تجهل مصيرها وسط زخم الحياة العاصف، إذ أعجزتها مصاعب الحياة عن إيجاد مكان لها تحت الشمس.

حقيقةً، لا يُنكر أحد ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، وهذا واقع لا يختلف عليه اثنان، إلا أنه واقع لا يجب أن يُؤدي بالمواطن إلى الجُحود التام بوطنه، إلى درجة بلوغ اليأس المطلق والعدمية المتناهية.

فمن أداروا ظهورهم للوطن احتجاجا على أوضاعه السياسية ليسوا، أبدا، موفقين في هذا الفعل، لأن الوطن ليس هو السلطة، والأرض ليست هي النظام السياسي، والحضارة ليست هي السياسات الفاشلة، والقيم ليست هي الأعطاب وأعراض التخلف ومظاهره..

ونستحضر بهذا الخصوص قصص مجموعة من المواطنين المغاربة الذين تصادموا مع السلطة في وقت من الأوقات، ومنهم عبد الرحمان اليوسفي، مثلاً، الذي رغم قضائه سنين طويلة في كفة المعارض للسلطة في البلاد، فإنه لم ينبس، يوما، بكلمة مسيئة في حق بلده، وغيره كثيرون..

لدى نزول جريدة “le12.MA”  إلى الشارع المغربي بكل من الدار البيضاء والرباط والقنيطرة ووجدة وأكادير، لاستقراء آراء المواطنين المغاربة بخصوص ظاهرة “الإساءة إلى الوطن ورموزه”، أقرّ أغلب المُستجوَبين بأن الأزمة وما يدور في فلكها، لا يجب أن تؤدي إلى الكفر بالوطن.. إلا أنّ آراءهم توحدت حول وجوب التشبث بالوطن والذود عنه ضد كل عدو يتربص به، مؤكدين أن هذه الظاهرة دخيلة على المغرب ولم تكن، يوما، جزءا من ثقافة المغاربة ، ولن يتم تحييدها إلا بالتأسيس لوعي ينبني على التربية على وإعادة التربية على المواطَنة الحقّة من طرف الأسرة والمجتمع تحديدا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *