رئاسة التحرير:le12.ma

تًعتبر مشاريع الجهوية المتقدمة، التي انطلقت بالمغرب منذ سنوات قليلة، ثورة حقيقية في مجال تدبير الشأن المحلي، والنموذج المغربي يستمد قوته من الدعم اللامحدود الذي تمدّه به أعلى سلطة في البلاد، حيث قال الملك محمد السادس في هذا الخصوص، في خطابه للأمة هذا العام، بمناسبة الذكرى 66 لثورة الملك والشعب:” إن التطبيق الجيد والكامل للجهوية المتقدمة، ولميثاق اللامركزية الإدارية، من أنجع الآليات، التي ستمكن من الرفع من الاستثمار الترابي المنتج، ومن الدفع بالعدالة المجالية “، قبل دعوته الحكومة “إلى تسريع تنفيذ هذا المشروع، والانكباب على تصحيح الاختلالات الإدارية، وإيجاد الكفاءات المؤهلة على المستويين الجهوي والمحلي، لرفع تحديات المرحلة الجديدة”.

إلى جانب التقسيم الإقليمي الجديد، والصلاحيات الجديدة المنوطة بالمجالس الإقليمية ، يتم تقديم الجهوية المتقدمة بالمغرب كآلية جديدة تهدف إلى الاستجابة بشكل إيجابي لتطلعات المواطنين، وبالتالي فإن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية هي في صميم اختصاصات السلطات المحلية، حيث تنعكس هذه الأهمية في برامج التنمية الجهوية الذي أطلقته المملكة، والذي حقق حتى نهاية يوليوز الماضي نتائج ملموسة، بمصادقة 10 جهات من أصل 12 جهة، إلى حدود الساعة، على مخططات التنمية الجهوية الخاصة بها.

لقد أخبر رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، البرلمان المغربي بالتقدم المُحرز في مشروع الجهوية المتقدمة، مؤكداً أن تنفيذ شتى مشاريعه المرسومة يتطلب حوالي 411 مليار درهم، حيث قال أمام نواب الأمة:” الحكومة أولت أهمية خاصة لتسريع تنزيل مخططات التنمية الجهوية، التي تحدد برمجة مشاريع التنمية ذات البعد الجهوي على مدى 6 سنوات، آخذة في الاعتبار المؤهلات الطبيعية والجغرافية لكل جهة، وحاجياتها من البنيات التحتية الأساسية، والتجهيزات الاجتماعية، حيث سيتم تنفيذ 450 مشروعاً في الفترة ما بين 2019 و2021، حيث سيتم تنفيذها في إطار عقود – برامج بين الدولة والجهات.

من جهته، دعا الملك محمد السادس، خلال خطابه الأخير بمناسبة المسيرة الخضراء، إلى التفكير بجدية في إنشاء خط سككي جديد يربط مراكش بأكادير، مع الأخذ بالاعتبار إمكانية التوسع في باقي الجهات الجنوبية، بمد الطريق السيار إلى مدينة الداخلة، هذه المشاريع التي ستسهم بشكل فاعلٍ في انفتاح الجنوب المغربي على باقي جهات المملكة،  وبشكل خاص في تنميتها ونموها الاقتصادي، من خلال تعزيز حركة نقل الأشخاص والبضائع ، وتوفير الدعم للقطاعات الاقتصادية كالتصدير والسياحة على وجه الخصوص.

ولدعم الجهوية الموسعة بالمغرب، لأداء الأدوار المنوطة بها، تم التأسيس لعدة طرق تمويل، حيث ستستفيد من نسبة 5 % من العائدات الضريبية على الشركات، و 20 % من حصيلة الرسوم على عقود التأمين، فضلاً عن دفوعات مالية بقيمة 50 مليار درهم في غضون 6 سنوات، بدل ملياري درهم فقط كانت تحصل عليها الجهات فيما سبق، مع إنشاء صندوقين يُشرفان على عملية تقديم هذا الدعم، وهما صندوق التأهيل الاجتماعي،  المكرس لسد العجز في مجالات التنمية البشرية والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات المختلفة ، وصندوق التضامن بين الجهات، لضمان التوزيع المتكافئ قصد تقليص التفاوتات بين الجهات.

وحرصاً من السلطات المغربية، ممثلة في وزارة الداخلية خاصة المديرية العامة للجماعات المحلية، على مرافقة تنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي الكبير، وهو أمر حاسم لمستقبل المغرب، تم اعتماد القانون التنظيمي المتعلق بالجهات في يوليو 2015،  والهادف إلى تكريس بعض المبادئ الدستورية، مثل مبدأ الإدارة الحرة في الجهات، حيث يسمح لكل واحدة على حدة، ضمن حدود هذه الصلاحيات، بتدبير شؤونها بحُرية، وفقًا للأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، كما منح كل واحدة فرصة للعب دورها في برنامج التنمية الإقليمية، وتكريس مبدأ التعاون والتضامن بينها وبين الجهات الأخرى، من خلال تنفيذ مشاريع مشتركة، تهدف إلى الحد من اللامساواة فيما بينها.

إن تجربة الجهوية المتقدمة، المتفردة على المستوى العربي والقاري، والتي أضحت ملهمة لعدد من الدول الشقيقة والصديقة، خاصة في القارة الافريقية، لا يمكن أن يجري التنزيل السليم لدعائمها على مستوى كل جهة، ما لم يكون المشروع التنموي الجديد في صلب رؤيتها الإستراتجية  وتكون أحد رافعاته الكبرى، وهو المشروع الذي تفضل الملك محمد السادس، قبل أيام ليكلف رجل الدولة شكيب بنموسى، رئيسا اللجنة الخاصة به..

وغني عن البيان، أن تجربة الجهوية المتقدمة، لا يرى فيها الخبراء مجرد تنزيل للوثيقة الدستورية، أو لإلتزامات المملكة المغربية من أجل تفعيل أوراشها.. بقدر ما هي الإطار المناسب القادر على تقديم إجابات صحيحة حول الحكامة الترابية والتنمية المجال والتوازن بين الجهات وخلق وإعادة إنتاج الثروات، بل والأرضية الصلبة لرفع قواعد تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي نادى به ملك البلاد..

ولد الرشيد: اتفاقية جهة العيون مع لارام كتضمن للمسافرين لانافيط في نفس اليوم

ولعل في نجاح تنفيذ مشاريع النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس في السابع من نونبر 2015 بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، خير دليل على أن تجربة الجهوية المتقدمة.. ورش إستراتيجي في صلب المشروع التنموي..

وما على المشككين إلا النزول إلى جهة من جهات الصحراء، كجهة العيون الساقية الحمراء، لينظروا إلى ما يُوجع الأعداء.. من مشاريع تنمية و أوراش بناء، شكلت بحق نموذجا مرجعيا، للحكامة الترابية والتقائية السياسية العمومية، وكيف يمكن أن تكون الجهوية المتقدمة كمشروع استراتجي مفتاح نجاح المشروع التنموي المنتظر ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *