شفشاون – محمد سليكي

 تصوير : هشام الشواش

 

“حسّو، بينا، وعاونونا.. راه حنا كنعانِيوْ بزاف مع الفقر والتوحد والبعد”… هكذا تحدثت “رْحيمو”، المرأة الشفشاونية، بنت الجبل، وهي تلتحف” الخمار”، مضيفة:”كنتكلم على مشاكلنا كعائلاتْ مرضى التوحّد وأنا أرتعش.. شوفو من حالْنا.

على غير ما جرى تسجيله في محطات سابقة، ستتحدث هذا السيدة، إلى جانب عدد من المشاركات والمشاركين في اللقاء التواصلي “100 يوم 100مدينة صغيرة ومتوسطة”، الذي نظمه حزب “الأحرار” نهاية الأسبوع بمدينة شفشاون، حول خصوصية مشاكل عدة  تعاني منها المنطقة والسكان، كمشكل مزارعي الكيف المبحوث عنهم والزراعات البديلة وظاهرة الانتحار عند الكبار وانتشار مرض التوحّد في صفوف الصغار..

“رحيمو” واحدة من العديد من المواطنات والمواطنين الذين أكدوا، هنا في شفشاون، في تصريحات متفرقة لكاميرا قناة موقع “le12.ma”، ثقتهم في مبادرة الحزب التواصلية المتفردة من أجل إسماع صوت معاناتهم اليومية والبحث، في لقاء مباشر مع المسؤول الحزبي، عن حلول لها.

خصص المنظمون، خلال هذا اللقاء، ثلاث طاولات للنقاش، لفائدة عائلات تعاني من مشاكل موحدة، لعل من أبروزها “مشكل توحد الأطفال”، لا سيما وسط سكان ضاحية  المدينة أو في قرى إقليم شفشاون الجلبي، حيث تعددت الإشكالات المجتمعية المتداول بشأنها وتوحّدت المطالب والمقترحات، التي لخصها البعض في قولهم: “نريد الحق في التنمية.. ومكافحة ظاهرة زراعة القنب الهندي والبطالة والانتحار”.

قريبا من طاولات عائلات مرضى التوحد، كان المشاركون في باقي الورشات منهمكين في التداول الجاد والمسؤول في القضايا التي يعانون منها، إذ استعرضوا أمام رشيد الطالبي العلمي وعمر مورو، القياديَين في حزب”الأحرار”، جملة من المشاكل ذات الصلة بقطاعات عديدة وأخرى تتدخل ضمن اختصاصات المجلس الجماعي.

بحضور ضيوف لحزب”الأحرار” في هذا اللقاء التواصلي، من منتخبين ومنتخبين سابقين وقادة ينتمون إلى أحزاب الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية والاستقلال، سيبرز المشاركون،  أن مشكل الصحة يأتي في طليعة انشغالات المواطن الشفشاوني، متبوعا بملف التشغيل وإشكال التعليم.

لقد كان مشكل التدني الحادّ في الخدمات الصحية التي يقدمها المستشفى الإقليمي بالمدينة، إلى جانب وجود نقص الأطر الطبية في جميع التخصصات والتجهيزات، مع غياب الحكامة وانتشار ظاهرة الغياب المتكرر في صفوف العاملين في القطاع، مما سجّل الشفشاونيون من انتقادات للمسؤوليين الجماعيين والحكوميين، داعين حزب “الأحرار” إلى تبني توصياتهم على هذا الصعيد والدفاع عن تحقيقها، والتي منها التعجيل بإحداث مستشفى للتخصصات.

في هذا اللقاء التواصلي، الذي كان مفتوحا في وجه غير منتمين إلى حزب “الأحرار”،  سيقف المشاركون على أن تفاقم البطالة في صفوف شباب المدينة من حاملي الشهادات وانسداد الأفق، إذ غالبا ما يؤديان بهم إلى السقوط في براثن سلوكات مشينة أو اختيار الانتحار أو الهجرة السرية.

الشفشاونيون، نددوا، بفشل المجلس الجماعي في لعب أدواره كاملة في إبداع برامج تنموية تخرج المدينة من حالة الركود الاقتصادي وتفتح فرص العمل أمام الشباب وتشجع مبادرة التشغيل الذاتي، خاصة في القطاع السياحي.

لذلك طالب سكان شفشاون المتضررون ببلورة سياسيات عمومية التقائية بين القطاعات المركزية واللاممركزة، من أجل الخروج برنامج منسجم للنهوض بالمدينة وجلب الاستثمارات ودعم مبادرات التشغيل الذاتي ودعم التعاونيات والسياحية الجبلية، لإنقاذ شباب وسكان المدينة من البطالة وانسداد الأفق..

عمر مورو، القيادي التجمعي، الذي كان يحاور على غرار رشيد الطالبي العلمي، المسؤول الحزبي البارز، المشاركات والمشاركين في ورشات هذا اللقاء، سيتحدث بإيجابية عن جدية النقاشات والمداولات الجارية حول مواضيع تمس في الصميم حياة المواطن الشفشاوني البسيط، مقدما في تصريح  لجريدةLE12.MA ، جملة من الحلول، لعل من أبرزها تنظيم أصحاب المشكل الواحد في تنظيم جمعوي يسهل عملية الترافع عن الملف يقول مورو:

في خضم مناقشة هذه المشاكل، كان البعض من الشباب يتداولون حول مشكل زراعة الكيف ضاحية مدينة شفشاون، مع لذلك من صراعات متواصلة بين المزارعين والسلطة، إذا غالبا ما ينتهي بهم المطاف كفلاحين، وراء القضبان بأحكام ثقيلة، أو في ركوب رحلة الهروب المحفوفة بالرعب والخوف، أو “الحريك”…

عادل أيت نونا، واحد من النشطاء الشباب في مدينة شفشاون، ممن يترافعون من أجل زراعات بديلة لإنهاء معاناة مزارعي القنب الهندي مع سنوات الرعب والضياع، سيتحدث إلى جريدةLE12.MA ، حول الموضوع بخيبة أمل في عود عدد من الأحزاب التي سبق لها أن فتحت ملف الدفاع عن تسوية قضية مزارعي الكيف، مبديا تفاؤله بمحاورة حزب “الأحرار”، حول البدائل الزراعية بالمنطقة.

يقول الناشط المدني:”في الحقيقة فقدنا الثقة في الأحزاب التي تزعم من إنتخابات لأخرى فتح ملف تسوية قضية مزارعي الكيف، لكن عندما فتح حزب”الأحرار” اليوم الحوار المباشر مع ساكنة المنطقة بعيدا عن الهدف الانتخابي، تركت اهتمامات لي بمدينة طنجة، وجئت إلى شفشاون للمشاركة في اللقاء التواصلي “100 يوم 100 مدينة صغيرة و متوسطة”، بغرض إسماع صوت فئة من المواطنين حكمت عليهم الأقدار والطبيعة والجغرافية والتاريخ، العيش من زراعة القنب الهندي”.

“هناك معاناة كبيرة تعيشها العائلات المعنية، بل هي مأساة، لا قيمة أمامها للعائدات الهزيلة من هذه الأنشطة المحظورة”، يقول عادل:”لذلك رفعنا إلى قيادة حزب الأحرار، مطلب دعم إعتماد زراعات بديلة بالمناطق المعنية، لإنهاء معاناة المزارعين مع أكثر من جهة”. تركنا عادل يواصل مشاركته في الورشة وتوجهنا، إلى حيث توجد الناشطة الجمعوية فريدة السلاوي، وسط نسوة شفشاون.

“هذه الشابة تعاني من أمراض عدة ولا معيل لها غير شقيقتها، كلما قصدت المستشفى يطلبون منها التوجه إلى طنجة، وهي لا إمكانيات لديها” تقول الناشطة الجمعوية فريدة، مضيفة:”إنها يتيمة الأبوين، اليوم لا تقوى على أداء فاتورة الماء والكهرباء، ومهددة بسحب الشركة للعدادات”.

هكذا إختزلت، السيدة فريدة وهي موظفة عمومية، وجها من أوجه مدينة شفشاون بدون مكياج، قبل أن تنادي نعيمة، الأرملة التي تعيل ثلاثة أيتام وتقطن في أطراف المدينة، ستقول:” كنسكن حدا قهوة لبغل، مات الرجل، وإلا ما خدمتشي ما نجبرش باش نعيش، بغيت الدولة تعمل لي حل”.

“هما نموذجان يمثلان، العديد من الحالات التي الاجتماعية الصعبة، المنتشرة بكثرة وسط ساكنة شفشاون التي تعيش تحت عتبة الفقر، دون أن تجد سياسات ناجعة للخروج بها من حالة الإحباط واليأس الموديان في كثير من الأحيان إلى الإنتحار”.

تقول فريدة السلاوي في حديث مع LE12.MA،”نراهن على حزب الأحرار من أجل أن يعبر عن معاناتنا ويدافع عن مطالبنا، كجلب الاستثمارات وتنشيط السياحية الجبلية، وخلق فرص الشغل في وجه جميع الفئات، وبلورة سياسات تنموية تخرج المدينة من الركود، و تنقذ شبابها من البطالة وانسداد الأفق المؤدي إلى الكوارث.

هي إذن شفشاون، عروس الأعالي بدون مكياج، في انتظار من ينتشلها من وحل الفقر والعزلة وانتشار مزارع “العشبة”، ويحلق بها في رحاب حيث يستحق تاريخها العريق..

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *