رئاسة التحرير

يوماً بعد يوم، تتراكم “زبلات” الإخوان ويتّضح، أكثر فأكثر، أن “قشّاباتهم” لم تُفصّل لتحمّل مسؤولية من حجم رئاسة الحكومة في هذه الظرفية الحساسة التي يجتازها الشارع العربي، والذي يشكّل المغرب أحد مكوناته. 

والحقّ أن المرء يحار كثيرا في تصرّفات وسلوكات بعض سياسيينا، خصوصا حين يكونون على رأس أجهزة ومصالح حكومية ذات أهمية كبرى ولا يكاد يتخيّل أن تصدر منهم أعمال صبيانية، أو لنقل شيطانية، لأنه سرعان ما يتّضح أنها غير بريئة بتاتاً، بعكس ما يحاولون أن يُظهروا من خلال شعبويتهم و”دخولهم وخروجهم في الهضرة”، الذي لم يعد يجدي نفعا.

يقول مثل مغربي “الناس فالناسْ والقرعة فمْشيط الرّاسْ”.. ففي الوقت الذي خصّص الملك حيزا مهمّا من خطابه الأخير، الجمعة الماضي، أمام أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة ترؤسه افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة، لما يجب أن يكون عليه عمل الحكومة، مؤكدا على أن هذه السنة التشريعية يجب أن تتميز بـ”روح المسؤولية والعمل الجاد، لأنها تأتي في منتصف الولاية الحالية، وبذلك فهي بعيدة عن فترة الخلافات، التي تطبع عادة الانتخابات”.. لم يتأخّر كبيرُ “الإخوان” في المغرب، الذي يرأس الحكومة، في مخالفة ما جاء في التوجيهات الملكية، مؤكدا بما لا يدع مجالا للشك بأنه يفتقر إلى أبسط الشروط المفترَضة في رجل دولة يتحمّل مسؤولية بحجم رئاسة الحكومة.

فقد سارع الأمين العام للـ”بّاجْدة”، إلى الحديث، في نشاط لحزبه، عن “كواليس” مداولات التعديل الحكومي، موظّفا في كلامه الشعبوي “المْفروش” ما يخدم حزبه وعشيرته، بينما أحجم -سيراً على نهج الإخوان في مكرهم ودهائهم- عن قول الحقيقة كاملة، إذ لم يذكر إلا ما يخدم مصالح حزبه العشائري الذي يركب على الدين لغايات سياسوية.

أكثر من ذلك، هدّد العثماني الأغلبية وهو يطعن “شريكه” الأحرار ويحاول “التهكّم” عليه بكلام لا يليق بمبتدئ في السياسة، ومعاكساً تماما توجيهات الملك في خطابه، الذي لم تكد تمرّ عليه سوى ساعات قليلة.

 في الواقع، لا أدري ما الذي منع صقور البيجيدي خاصة أولئك المتمتعين بالرضا المخزني منذ أزيد من ثمان سنوات، من مواجهة هذا المنزلق الخطير  للعثماني، فهل يوافقونه، السير في الاتجاه المعاكس للخطاب الملكي في إفتتاح البرلمان؟..

إن لجوء العثماني، الى قاموس الغمز واللمز و”حشيان الهضرة”، ليس بغريب عن قادة حزب البيجيدي مهما كانت مسؤولياتهم في الدولة،  ولعل في تجربة إبن كيران أكبر مثال.. كما  ليس بغريب عنهم بدعم ومن الاتباع والمردين و أحيانا بعلم السلطة، قيامهم بحملات إنتخابوية من الانتخابات الى الانتخابات.. عبر خلط الدين بالسياسة، العقيدة الدعوية التي أصبحت عندهم مرض يعكس إنفصام في الشخصية، لم يسلم منه حتى العثماني، القادم الى السلطة من”عيادة الامراض النفسية والعقلية”.

والحقيقة أنه رغم أن رئيس الحكومة يقول إنه طبيب نفساني، فإنّ المغاربة كثيرا ما يتساءلون هل يمكن أن يكون الإنسان “كزّار وْمعشّي باللفت”، كما يقول مثل شعبي.. بمعنى ألم يفكّر العثماني في تجريب أدوات علم النفس على “نفسه” فربما فكّ شيفرة هذه “السكيزوفرينا” المتمكّنة منه ومن بعض إخوانه، وإلا ما معنى أن يقول رئيس الحكومة يا حسرة، بأن “الوزير الأعجوبة” كما وصفه راض عنه الملك، دون أن يقل نفس الشيء عن باقي أعضاء الحكومة، واش هما مساخيط الملك ولا راض عنهم الملك..

إن ما أقدم عليه العثماني، في هذا الإطار، لا تفسير له سوى سعيه نحو إشاعة تمتع وزراء البيجيدي برضى الملك، بعدما سبق أن أشاعوا بين المغاربة أكذوبة أنهم حزب دين الله في بلاد الإسلام.. بمعنى  بالأمس قالوا “حنا هما موالين الدين” و”حنا هما لي راضي علينا الله.. اليوم  يريدون القول بأننا:”حنا هما لي راضي علينا الملك”.

إدعاء رئيس الحكومة، أن “الوزير  الاعجوبة” كما وصفه، “بغاه سيدنا وراضي عليه”، دون أن يقول ما قاله له الملك عن وزراء أكفاء من حزب الاحرار تحديدا، حين حثه  جلالته على الإبقاء عليهم في الحكومة، هو  سلوك “لا يعكس المروءة”، بقدر ما يعكس سلوك المكر الرامي إلى اختلاق أزمة مع الأغلبية، والنفخ في رماد الصراعات الحزبية الفارغة، في تناقض صارخ مع ما جاء في خطاب الملك الأخير في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة.

إنهم يتستغلون المقدس لقضاء مآربهم أي كان المقدس، ولا يراعون في ذلك أخلاق ولا الملة.. وعلى رئيس الحكومة أن يتذوق جيدا رسالة أخنوش التي قال له فيها:”سي العثماني.. حافظ عل لامجورتي ديالك”. أما ما قاله نبيل بنعبد الله عن العثماني، فتلك قصة من قصص مكر  رئيس حكومة، يفتقد الى سلوك “رجل دولة”، وهي طامة كبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *