يونس التايب

احتل المغرب الرتبة الـ82 عالميا في مؤشر التقدم الاجتماعي لهذه السنة حسب المنظمة الأمريكية “سوشيال بروغريس” Social Progress Index.

للأسف، يأتي هذا الترتيب بعد أن استطاعت بلادنا أن تنتقل، بين سنتي 2017 و2018، من المرتبة الـ78 إلى المرتبة الـ76.

دليل جديد على فشل حكومة السيد سعد الدين العثماني في تعزيز أساسيات الخدمات الاجتماعية، إذ أن مختلف المعايير والمؤشرات التي اعتمدها هذا الترتيب سجلنا فيها تراجعا، ومن بينها معيار “الصحة” التي شهد المغرب في ارتباط بها ارتفاعا في نسبة الوفيات بسبب الأمراض، وكذلك تراجعا لجودة الرعاية الصحية. و أيضا معيار “التعليم”، و يقاس بمعدل القراءة والكتابة والمساواة بين الجنسين في التعليم والالتحاق بالمدارس الابتدائية.

للإشارة فقط احتلت تونس الرتبة الأولى عربيا والـ51 عالميا. أما عالميا فتصدرت النرويج، تليها كل من الدنمارك وسويسرا وفنلندا والسويد.

بطبيعة الحال لا يمكنني ألا أتفاعل مع هذه “الشهادة” الجديدة في حق سياسات حكومة بلدي. وتفاعلي يمكن أن يتخذ ثلاثة أشكال: 

1/ إما موقف المعارض للحكومة و سياساتها، و على أساسه سأقول بأنني: 

-أستنكر و أنذب حظنا مع هذه الحكومة التي لم تستطع أن تبلور وتنفذ إستراتيجية ناجعة للتنمية الإجتماعية والتضامن، ولا استطاعت أن تمنحنا خدمات صحة عمومية وتعليما في المستوى. وهي بذلك امتداد لرداءة الأداء الذي ميز الحكومة السابقة.

2/ وإما موقف الاستهزاء (والطنز!) من عبث تدبير الحكومة، وعلى أساسه سأقول:

 -ليس هناك مشكل… أضعنا “فقط” 8 سنوات من تنمية هذا الوطن…

المهم هو أن السيد رئيس الحكومة وزعماء الأحزاب المشاركة في الحكومة، كلهم فرحون ويبتسمون.. وهم واثقون أننا “تقدمنا” وحققنا “إنجازات كبرى”… وأنا أفضل تصديقهم، وأحتج على “هذه التصنيفات الدولية المغرضة”، التي “تتآمر على الحكومة وعلى أحزابها” ولا تريد رؤية “نصف الكأس المملوء”… 

3/ وإما أخيرا، موقف من يريد الخير لهذا الوطن ولأبناءئ، بغض النظر عمن يأتي بهذا الخير، وبناء عليه سأقول :

هذا التصنيف الجديد يؤكد أن الحكومة لم تنجح في وضع إستراتيجية ناجعة لتدبير المجالات الاجتماعية، وعليها أن تقسو، هي، على نفسها في تقييم عملها، لكي لا نضطر، نحن، لنقسو عليها في تقييم أدائها.

وبالتالي، يجب على الحكومة الاعتراف بأن هذه النتائج والحصيلة الكارثية في عدة مجالات، وفي مجال تدبير القطاعات الاجتماعية على وجه الخصوص، ترجع لكونها لم تعتمد منهجية مدمجة لكل الحساسيات ذات الخبرة في المجال في التشخيص وفي وضع الإستراتيجيات و البرامج. كما أنها لم تُوفق في تشخيص الوضعية التي كنا عليها، ولم تعمل على تعبئة الموارد البشرية العاملة في القطاعات المعنية ليكونوا جزءا من تنفيذ الإصلاح، وفضلت التعاطي معهم من منطلق القرب السياسي الحزبي، فهمشت من ليسوا منها وأزالت بعضهم من مواقع المسؤولية والقيادة التدبيرية، وحرمت الإدارات من خبرتهم وحكمتهم. 

كما تم، في عدة مناسبات، تفصيل المناصب العليا على مقاس معيار واحد هو الانتماء إلى “حزبي وجماعتي وعشيرتي”، وتم قطع الطريق على كفاءات وطنية معترف بها، وتم حرمان البعض من التعيين في مناصب عليا نجحوا في اختبارات الولوج إليها باستخقاق مشهود. 

والأدهى أن بعض أحزاب الأغلبية، حتى عندما اختارت من بين المنتسبين إليها، لم تختر الأكثر خبرة ومعرفة بالقطاعات الإجتماعية، وسقطت في خطيئة إرضاء الخواطر بمعايير سياسوية لا تمت للحكامة الجيدة بصلة ولا إلى نهج الوطنية الجامعة التي تغلّب مصلحة الوطن على مصلحة الحزب في شيء. 

لذلك، ونحن نتطلع إلى تعديل حكومي يعلي مقام الكفاءة والاستحقاق، حتى نحصن مكتسبات وطننا ونصحح أوضاعه بإرادتنا الوطنية السيادية الحرة، أقترح على الحكومة أن تصلح ما فسد في اختياراتها، وتقوم بتغيير الأخطاء والعودة إلى مقام الحكمة والموضوعية في التعاطي مع قضايا تدبير قطاعات اجتماعية من المفروض أنها تقدم خدمات نص عليها الدستور و لم يفرق في ذلك بين المغاربة بحسب انتماءاتهم.

#اتقوا_الله_في_وطنكم

#لا_أولوية_تعلو_على_حماية_الوطن

#الكفاءة_الاستحقاق

#ربط_المسؤولية_بالمحاسبة

*خبير في السياسات العمومية 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *