نعم، يمكن لنفاياتنا وكل ما نلقيه من أزبال وبقايا ومتلاشيات، أن تتحول إلى مواد جديدة مفيدة بواسطة التدوير، وإلى مصدر للطاقة.

الأمر هنا لا يتعلق بكلام ملقى على عواهنه.

بل هو حقيقة علمية يعرفها المتخصصون في مجال الاقتصاد واستراتيجيات الأعمال والبيئة والطاقة.

لنتحدث بالمراجع و بالأرقام.

يوم 20 نوفمبر الماضي (20 نوفمبر 2023)، في موقع “إكوال تايمز EQUAL TIMES”، صدر مقال بالإنجليزية عنوانه:
“تركيا: مكب النفايات في أوروبا”
‏Turkey : Europe’s rubbish dump

و إكوال تايمز EQUAL TIMES هي مجلة رقمية صادرة بثلاث لغات، الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وتنشر مقالات وتحقيقات في مجال السياسة والاقتصاد والأعمال والبيئة والثقافة وحقوق الإنسان..

● تركيا هي حاليا مكبّ لنفايات البلدان الأوروبية :

في المقال المذكور نقرأ أنه في عام 2021، قامت أوروبا بتصدير 33 مليون طن من النفايات، ذهب ما يقرب من نصفها إلى تركيا.

كما تلقت تركيا 122.898 طنًا من النفايات البلاستيكية من المملكة المتحدة، لإعادة تدويرها.
وتضيف المجلة أن الأبحاث التي أجرتها وكالة التحقيق البيئي، وهي منظمة غير حكومية في المملكة المتحدة، كشفت أن تركيا أنتجت 3.9 مليون طن من النفايات البلاستيكية المحلية في عام 2021 بينما استوردت ما مجموعه 682.208 طن.

● واردات تركيا من النفايات:

حسب موقع :
‏ (World integrated trade solution)
وهو موقع تابع للبنك الدولي، واردات تركيا من النفايات والخردة والألمنيوم سنة 2019 ، بلغت 172,999.77 ألف دولار أمريكي بكمية 132,029,000 كيلوجرام، وهي نفايات حسب الموقع استوردتها من 56 بلدا من مختلف القارات :

– استوردت 15,754,100 كلج من “بلجيكا” في المرتبة الأولى.

– استوردت 15,061,800 كلج من إسرائيل في المرتبة الثانية.

– استوردت 3,722,860 كلج من المغرب في المرتبة العاشرة.

● استيراد النفايات في الولايات المتحدة الأمريكية :

شركة Clean Harbors الأمريكية العابرة للقارات المتخصصة في إدارة النفايات الخطرة والتنظيف والصيانة الصناعية، وخدمات إعادة التدوير، توضح في موقعها بأنها تعاملت مع أكثر من 40% من جميع شحنات النفايات المستوردة إلى الولايات المتحدة بين عامي 2007 و2012 ، وأشارت من خلال جداول إلى أن المواقع التي تستورد منها النفايات من ولاية إلى ولاية لا تتركز في منطقة جغرافية واحدة، بل إنها تقع في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

في موقع الشركة نفسه، نجد إشارة إلى تقرير صدر في فبرار 2002، عن الجمعية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة في واشنطن العاصمة بعنوان “حركة النفايات الصلبة بين الولايات”، يلخص النتائج المتعلقة بالنفايات بين الولايات، ويشير إلى أن 8 ولايات استوردت أكثر من مليون طن من النفايات الصلبة، و20 ولاية استوردت ما بين 0,1 ومليون طن من النفايات الصلبة، و17 ولاية استوردت أقل من 100000 طن من النفايات الصلبة.

● تحويل النفايات إلى طاقة : ثورة إعادة التدوير في السويد:

في موقع Blueoceanstrategy نجد مقالا عنوانه :
“تحويل النفايات إلى طاقة: ثورة إعادة التدوير في السويد”.
هذا المقال نُشر قبل خمس سنوات، وقد اشترك في كتابته كل من الأستاذ الباحث تشان كيم والأستاذة الباحثة رينيه موبورن، وهما يدرّسان مادة الاستراتيجية في المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال “إينسيد” INSEAD .

استهل الباحثان مقالهما بهذه العبارة :

“قمامة رجل قد تكون كنزًا لرجل آخر: كيف حولت السويد إعادة التدوير إلى صناعة بملايين الدولارات”.

ويؤكد الباحثان في مقالهما أن السويد لا توفر المال فقط من خلال استبدال الوقود الأحفوري بالنفايات لإنتاج الطاقة، بل إنها تربح 100 مليون دولار أمريكي سنويًا من خلال استيراد القمامة وإعادة تدوير النفايات التي تنتجها دول أخرى.

ويشير الباحث والباحثة في المعهد الأوروبي للأعمال بأن المملكة المتحدة والنرويج وإيرلندا وإيطاليا على استعداد لدفع 43 دولارًا أمريكيًا مقابل كل طن من النفايات التي تستوردها السويد لتحقيق هذه الغاية.

ويتحدث الباحثان عن الكيفية التي يتم من خلالها تحويل القمامة إلى طاقة عن طريق حرق النفايات وتحويلها إلى طاقة في السويد، ويوضحان ذلك بالقول بأنه :
“بدلاً من إرسال القمامة إلى مكبات النفايات، يتم إنشاء محطات تحويل النفايات إلى طاقة، وهي الطاقة التي يتم توصيلها بعد ذلك في شكل كهرباء للمنازل والشركات”.

ويضيف الباحثان، بأنه يتم إرسال 1٪ فقط من قمامة السويد إلى مكبات النفايات، بينما يتم يتم تحويل 52٪ أخرى إلى طاقة من خلال حرق القمامة، ويتم إعادة تدوير 47٪ المتبقية. وكمية الطاقة المولدة من النفايات توفر وحدها التدفئة لمليون منزل، والكهرباء لـ 250.000 منزل، فيما تعيد المملكة المتحدة تدوير 44٪ فقط من نفاياتها.

ويذكر الباحثان في مقالهما بأن السويد بدأت جهودها الأولى لتحويل النفايات إلى طاقة في وقت مبكر من منتصف القرن العشرين، وذلك بتنفيذ سياسة إعادة تدوير وطنية متماسكة وقوية بمرور الوقت. وقد أدى ذلك إلى الرفع من معدلات إعادة التدوير، مما جعل السويد بلدا رائدا عالميا في إعادة التدوير.

كما أنه من خلال تحويل نفاياتها إلى طاقة، خفضت السويد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 2.2 مليون طن سنويًا. وبين عامي 1990 و 2006، انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 34٪، ومن المتوقع أن تنخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 76٪ بحلول عام 2020، مقارنة بمستويات عام 1990.

في موقع RioOnWatch المتخصص في نشر دراسات في مجال الاقتصاد والبيئة باللغتين الإنجليزية والبرتغالية، نجد مقالا صادرا بتاريخ 26 يوليوز 2019، عنوانه :
“لماذا تستورد السويد النفايات من دول أخرى؟”، توضح فيه كاتبته السويدية إيما بيرغمان المتخصصة في الاستدامة ما يلي :

بالنسبة لجميع النفايات التي لا تندرج ضمن أي من فئات مسؤولية المنتج (مثل النفايات المتبقية، ونفايات الساحات، والأثاث أو أجزاء السيارات الصغيرة)، فإن المجالس البلدية في السويد مسؤولة عن جمعها ومعالجتها.

وقد أدى هذا إلى ظهور نماذج وتجارب مختلفة لإيجاد أنظمة مناسبة لكل بلدية. ومع ذلك، فإن معظم أنظمة الجمع المختلفة في السويد متكاملة، مما يعني أن نقطة جمع واحدة بها حاويات لمعظم أنواع المواد والنفايات، سواء كانت تقع تحت مسؤولية المنتج أو البلدية.

والفكرة وراء ذلك هي تسهيل التخلص السليم من النفايات من أجل زيادة معدل إعادة التدوير.
تقع نقطة جمع العبوات والنفايات المتبقية والعناصر الأصغر عادةً بالقرب من العقارات السكنية، وهو ما يسمى “نقطة جمع قريبة من العقار”.
بالنسبة إلى النفايات الأكبر مثل الأثاث وأجزاء السيارات، فإن حامل النفايات ملزم بالذهاب إلى مركز إعادة تدوير النفايات.

● التربية المنزلية على التعامل مع القمامة في السويد:

في موقع ميديوم MEDIUM صدر يوم 11 فبراير الماضي مقال بالإنجليزية عنوانه :
“ثورة تحويل النفايات إلى طاقة في السويد: كيف تحول السويد نفاياتها إلى مورد مفيد”.

تقول كاتبة المقال ميشوا بانشال وهي باحثة هندية في مجال الهندسة البيئية، إن إيجاد الإمكانيات والحواجز أمام الاستهلاك الأكثر استدامة بالإضافة إلى ربط السلوك بتخطيط إدارة النفايات هي مهام حاسمة في السويد، والنهج الثلاثة الرئيسية لإدارة النفايات هي الوقاية وإعادة الاستخدام والإصلاح، وأنه في المنازل السويدية، أصبحت هناك العادة في أن يتم فصل القمامة حسب نوعها قبل رميها في الصناديق، وأنه يتم إعطاء اهتمام كبير لإعادة تدوير المواد، وأن عنصر النجاح الرئيسي الذي جعل السويد واحدة من الدول الرائدة عالميًا في إدارة النفايات المستدامة هو وعي والتزام شعبها، حيث تقوم أغلب المنازل بفصل القمامة الخاصة بها إلى الفئات التالية: الإلكترونيات، والإطارات، والبطاريات، والصحف، ونفايات الطعام، ومواد التغليف المصنوعة من البلاستيك والورق والزجاج.

*أحمد الدافري – كاتب صحفي

(الهدف من هذا المقال / التدوينة هو نشر المعلومة، وليس إثارة الجدل أو الدخول في مزايدات شعبوبة مع أي كان). وهذا ما كان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *