طوال هذه الأيام التي أقضيها في القاهرة بدعوة من إدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وأشكرها كثيرا على ذلك، حين أدخل إلى غرفة الفندق في الليل، وأتمدد فوق الفراش، تأتيني حالة مرضية ذهنية ونفسية، لا أعرف لماذا تداهمني، أتذكر فيها أنني كنت هنا في القاهرة في نوفمبر 2015، نائما في غرفة بفندق مثل هذا الذي أنا فيه الآن، كنت نازلا فيه رفقة الصديقين الكاتبين مصطفى المسناوي ولحسن العسبي بمناسبة مهرجان القاهرة الدولي للسينما، فأيقظني حينها وأنا ممدد فوق الفراش في الثالثة صباحا في اليوم الثاني من المهرجان اتصال من عامل الاستقبال، أخبرني فيه أن سي مصطفى المسناوي قد رحل عن الدنيا بسبب أزمة قلبية وهو في الفندق.

لا أستطيع وصف الصدمة التي تعرضت لها حينئذ. 

لم يستطع البكاء أن يخفف من أثر الأزمة. 

هذا الصباح، الجمعة 8 سبتمبر 2023، بعد أن استيقظت من النوم، صُدمت بخبر مُفجع. 

الفنان المسرحي التونسي الأسعد المحواشي الذي يقيم معنا هنا في الفندق توفي في وقت مبكر من صباح يومه الجمعة بعد تعرضه لجلطة دماغية. 

كانت إدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي قد عملت على نقله بسرعة من الفندق إلى مصحة طبية لتلقي العلاج لكنه توفي رحمه الله. 

 شاهدت العرض التونسي الذي قام الراحل الأسعد المحواشي بصنع الدمى الخاصة به.. 

العرض المسرحي عنوانه “ما يراوش” تم تقديمه في قاعة مسرح الجمهورية يوم الأحد الماضي (الصورة). 

عندما علمت بالخبر الحزين صباح اليوم، خرجت من الغرفة ونزلت إلى قاعة الاستقبال في الفندق.

 وجدت الفنانين التونسيين سواء الذين يمثلون عرض “ما يراوش” لفرقة المسرح الوطني لفن العرائس بتونس العاصمة أو الذين يمثلون عرض “الروبة” من مدينة القيروان، جالسين كلهم في حالة حزن شديد.  

كانوا صامتين.

تحدثت معهم.

 نظروا إلي بنظرات مليئة بالألم. 

قلت لهم :

“أتوجه إليكم باسم المغرب والمغاربة بالتعازي في رحيل الفنان الأسعد المحواشي. إنه أمر في منتهى الحزن والأسى أن تأتوا جماعة هنا كي تزرعوا السعادة بالفن، وتعودوا إلى بلدكم ومعكم واحد منكم في صندوق الأموات. إنه قدر الله. وما تدري نفس بأي أرض تموت. لقد عشت هذا الوضع مع صديقنا الكاتب والناقد مصطفى المسناوي قبل 8 سنوات. وأعرف أن الوضع صعب عليكم. الله يصبركم وعظم الله أجركم”. 

رحم الله الفقيد. وهذا ما كان.

*كاتب ومسرحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *