صادق المجلس الحكومي برئاسة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الخميس الماضي، على مقتضيات مشروع القانون رقم 43.22، المتعلق بالعقوبات البديلة في صيغته جديدة.

المشروع، حسب بلاغ المجلس الحكومي، “يندرج ضمن المبادئ العامة الواردة في مجموعة القانون الجنائي وأخرى شكلية تتعلق بتنفيذ العقوبات وفق قواعد المسطرة الجنائية، وذلك من خلال إقرار مجموعة من العقوبات البديلة بعد الاطلاع على العديد من التجارب المقارنة ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي لكي تكون ناجعة وقابلة للتنفيذ تحقق الغاية المتوخاة منها”.

وللحديث عن هذا المشروع كان لنا الحوار التالي مع المحامي ورئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، لحبيب حاجي، الذي أوضح أن العقوبات البديلة كانت دائما مطلبا حقوقيا، لافتا أنها يجب أن تنصب على الحالات والأفعال والأشخاص بما يجعل المجرم لا يفلت من العقاب. 

1- ماهو رأيكم في مشروع قانون العقوبات البديلة في صيغته الجديدة الذي صادقت عليه الحكومة؟

العقوبات البديلة عن السجن النافذ كانت دائما مطلبا حقوقيا وقانونيا لمسايرة التطور التشريعي عالميا، والتخفيف عن السجون لعدم قدرتها على استيعاب المحكومين عليهم بالسجن النافذ، و التشديد على فئة من المجرمين الذين لايستحقون السجن بل تجب في حقهم المراقبة وتجريب تواجدهم في أماكن محددة بعيدا عن سبب الجريمة المفترضة مثل الجرائم الناتجة عن العلاقة الزوجية او العائلية كالارث وما شابه، وكذا إعادة النظر في العقوبات بشأن القاصرين والنساء كأمهات خاصة.

كما أن هناك العديد من الجرائم في القانون الجنائي لم تعد العقوبات المسطرة بشأنها صالحة للسجن سواء تعلق ببعض جنح المخدرات أو السرقة الخفيفة أو مطلوب ان تتحول من جنايات الى جنح لتغير الاوضاع او لانها كانت مفيدة للمستعمر أو لأنها متصلة بالحريات الفردية والشخصية.

فرأيي إذن يتفق مع مبدأ العقوبات البديلة.

2- ألا ترون أن العقوبات البديلة ستشجع على الإفلات من العقاب؟

أما فيما يتعلق بكونها ستشجع على الإفلات من العقاب فإنني أرى أن هذه العقوبات البديلة يجب ان تنصب على الحالات والافعال والاشخاص بما لا يجعل المجرم يفلت من العقاب، فأفعال الاعتداء على الحياة وعلى السلامة البدنية فلا يمكن أن تكون موضوع عقوبات بديلة إلا فيما تعلق بالتنازل وظروف النازلة عندما يكون الخطأ مسيطر عليها والدفاع الشرعي والاستفزاز ومراعاة خطورة الفاعل، فخطورة الفاعل لا يجب أن تكون محل عقوبات بديلة.

كما الجرائم المتصلة بالمال يجب أن تكون محل عقوبات بديلة عند ارجاع المال لأصحابه أو التنازل عندما ينتفي الضرر المالي، أو استحالة رده في حالة عجز الفاعل لفقدانه المقومات الصحية للعيش والتطبيب بشكل عاد بعد خبرة طبية، وكذا في حالة عقل الممتلكات ووجود الطريق سالك لبيع ما عقل لاستيفاء التعويض إلى آخره من الحالات.

وهنا لابد من دراسة حالات العقوبات البديلة حتى لا تهدم أحد أكبر الحقوق المتصلة بالمحاكمة العادلة وهي عدم الإفلات من العقاب والحق في جبر الضرر.

كما يجب تغيير العديد من القوانين المتعلقة بالمال والعقار والثروة الموروثة من المرحلة الاستعمارية وإخضاعها للمبادئ العامة للقانون كقوانين الحيازة وأشكال التملك وقانون التحفيظ والمياه والغابات و الأوقاف والأملاك المخزنية والجماعية وما يتصل بها من جرائم التزوير والتحايل على حق الملكية.

3- كيف تلقيتم حذف الغرامات اليومية أو ما يعرف بـ”شراء السجن” من مشروع قانون العقوبات البديلة؟

حذف الغرامات اليومية أو ما يعرف بشراء السجن من هذه العقوبات فهو أمر مهم يتصل بمحاربة الافلات من العقاب، فكيف أسرق مالا كثيرا من شخص أو مؤسسة أو من الدولة ثم أشتري كل السجن بأقل من ذلك المال، سنصبح أمام تجارة رابحة وسرقات كبرى منظمة ومعقدة ومتعددة وخطيرة. 

لكن قد يكون شراء السجن بالدفع للضحية الذي قد يتنازل بعد صيرورة الحكم نهائيا أو حتى حائزا لقوة الشيء المقضي به.

وعوض شراء السجن من الدولة، شراؤه من الضحية جبرا للضرر خاصة في قضايا الاستيلاء على الاموال والاراضي بالتحفيظ المزور او بالنصب والاحتيال والاختلاس وخيانة الامانة و العديد من الحالات التي يجب كذلك مراعاة خطورة الفاعل وسوابقه ومدى فعالية العقوبة البديلة من عدمها.

لحبيب حاجي: محامي ورئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *