يبدو أن النظام الجزائري أحسن من فهم كتاب «سيكولوجية الجماهير» لمؤلف عالم النفس الفرنسي جوستاف لوبون، خصوصا في طريقة خلق الأوهام والأكاذيب وجعل الناس يصدقونها.

يعتقد لوبون أن الجماهير لا يمكن توقعها، وغالباً ما تكون عاطفية، وهي تتأثر بشكل كبير بالإيحاءات والرموز. والروح الجماعية تكتسب قوة تحريكية ذات طابع خاص تجعلها تتصرف ككيان واحد بدلاً من مجموعة من الأفراد.

كما يناقش الكتاب أيضًا كيف يمكن استغلال السلوك الجماعي، سواء كان ذلك لأغراض جيدة أو سيئة. توضح السياسة الجزائرية المبنية على نهب وسرقة تراث وثقافة المغرب والكذب والادعاء كيف يمكن استخدام سيكولوجية الجماهير في تسويق هذه المنتجات المسروقة للتأثير في الرأي العام، وحتى التأثير في السياسات الحكومية وتسويقها.

في الجارة الجزائر لديهم شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة تحول إلى أسطورة وطنية وبطل قومي، ليس لأنه استطاع أن يلعب لأشهر الأندية العالمية أو لأنه سجل أكبر عدد من الأهداف، بل لأنه استطاع أن يحطم الرقم القياسي في فرص التسجيل الضائعة.

والحقيقة أن أحسن من يجسد النظام الجزائري هو هذا البطل القومي المشهور بلقب «شوشع العالمي»، فهذا الفتى بارع في شيء واحد هو إهدار الفرص وفي كل المرات التي يسدد نحو شباك التسجيل فإما أنه «يتفش» الكرة أو يطيرها نحو السحاب، تماما مثل النظام الجزائري الذي لا يحسن سوى إضاعة الفرص وإخلاف المواعد مع التاريخ.

لذلك فالوضع الطبيعي يفترض أن يكون شوشع هو رئيس الجمهورية لأنه يستحق ذلك بفضل الشعبية الكبيرة التي استطاع تحقيقها في ظرف وجيز. وهكذا إذا كان المغرب لديه في تاريخه العريق أسماء ملوك مثل يوبا الأول ويوبا الثاني فإن الجزائر سيصبح لديها شوشع الأول وشوشع الثاني.

والواقع أنه لن تجد في كل بلاد المعمور فتى ذا إعاقة يتم إيهامه بالبطولة والسخرية من إعاقته الذهنية أمام الملأ واستقباله من لدن رسميين وتوشيحه بالأوسمة جزاء له على بطولات وهمية.

والحقيقة أن منظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية عليها أن تتدخل لردع النظام الجزائري الذي يصنع الفرجة على حساب شاب مريض يحتاج لعناية ومعاملة خاصة.

إن أسطورة شوشع العالمية تكشف شيئا واحدا مهما وهو أن الجزائر دولة وشعبا تعاني من خصاص حاد على مستوى النماذج المثالية والأبطال القوميين الحقيقيين الذين يمكن تقديمهم للشعب لكي يفتخر بهم ويجل قدرهم، إلى درجة أن إمامًا نكرة تسلقت جلبابه قطة المسجد خلال صلاة التراويح تحول إلى رمز وبطل قومي يتم استقباله رسميا.

إننا فعلا بإزاء نظام «مشوشع» يعاني من أعطاب ذهنية وحركية ويصدق بالبهرجة التي تقام من حوله والتصفيات التي تنهال عليه من كل جانب معتقدا فعلا أنه بحركاته البهلوانية وتسديداته العشوائية يصنع فرجة حقيقية.

ولعل ما صنعه النظام الجزائري عقب انتصار منتخب اليافعين المغربي على نظيره الجزائري وتأهله للنهائي بدعوة منتخب البوليساريو لليافعين للعب مباراة حبية يكشف بوضوح طبيعة هذا النظام «المشوشع».

والواقع أن النظام الجزائري «داير فراسو الضحك»، خاصة بعدما صار متخصصا في استدعاء سفراء الدول الأوروبية التي تعقد اتفاقيات مع المغرب. فبعد استدعاء سفير إسبانيا عقب اعتراف حكومتها بالصحراء المغربية وتوقيع اتفاقيات مع الرباط ها هو يستدعي السفير البرتغالي بعد توقيع الحكومة المغربية مع الحكومة البرتغالية 12 اتفاقية لاستفساره عن موقف بلاده من قضية الصحراء.

يقولون أنهم ليسوا طرفا في نزاع الصحراء لكنهم في كل مرة يرون المغرب يوقع اتفاقيات مع بلد حتى يسارعوا لاستدعاء سفيره وتهديد بلده بقطع إمدادات الغاز.

دولة واحدة لم يجرؤ العسكر الجزائري على استدعاء سفيرها هي أمريكا رغم أنها اعترفت للمغرب بحقه في صحرائه ووقعت على ذلك، ربما خوفا من أن يتم استدعاء كل النظام الجزائري لمحكمة لاهاي الدولية إن هم تجرؤوا على استدعاء سفيرها.

وعندما تسمع مستشار الرئيس يروي خرافة حول طائر بلارج ناسبا إليه فعلا من أفعال المقاومة مدعيا أن الاستعمار الفرنسي سجنه وأن المقاومة أطلقت سراحه، تفهم أن شيئا ما غير عادي يدور في رؤوس هؤلاء الناس.

حتى المغرب الذي أسس «دار بلارج» في مراكش خلال القرن السادس عشر، وهي أول مصحة في التاريخ لعلاج طائر بلارج، لم يتجرأ على اختراع حكاية مماثلة.

رشيد نيني          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *